كشف الأستاذ عمر بندورو، الخبير في القانون الدستوري، عن وجود فجوة كبيرة بين ما ينص عليه دستور المملكة المغربية لسنة 2011 والواقع السياسي الفعلي. جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية للجامعة الربيعية التي نظمها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بالجديدة خلال الفترة من 18 إلى 20 أبريل 2025.
أوضح بندورو أن الدستور المغربي الحالي يتضمن جميع المقتضيات النظرية اللازمة لقيام نظام ديمقراطي، بما في ذلك مبادئ السيادة الشعبية والفصل بين السلطات وإقرار الحقوق والحريات. ومع ذلك، أشار إلى أن التطبيق العملي يختلف جذرياً عن هذه النصوص. قال: “حين تنظر إلى النص الدستوري تفاجأ بإيجابيته، ولكن عند مقارنته بالواقع تكتشف كارثة حقيقية”.
في تحليله للوضع السياسي المغربي، أبرز الأستاذ الجامعي ستة معايير أساسية للديمقراطية يفتقدها المغرب حسب رأيه. أولاً، مبدأ السيادة الشعبية الذي ينص عليه الدستور لكنه يغيب عملياً بسبب تدخلات الدولة في العملية الانتخابية، سواء بشكل مباشر أو عبر السماح باستخدام المال السياسي لشراء الأصوات. ثانياً، مبدأ الفصل بين السلطات الذي ظهر لأول مرة في دستور 2011، لكنه يبقى شكلياً في ظل تركيز الصلاحيات الأساسية في يد المؤسسة الملكية، بما في ذلك السلطة القضائية التي وصفها بندورو بأنها “عدالة مفوضة من الملك أمير المؤمنين”.
ثالثاً، دولة القانون التي يفترض أن تسود فيها المساواة أمام القانون واستقلال القضاء، وهي شروط غير متحققة بشكل كامل حسب المحاضر. رابعاً، الحريات الفردية والجماعية التي تعاني من قيود عملية رغم النصوص الدستورية التي تكفلها، مع الإشارة بشكل خاص إلى حرية الصحافة. خامساً، التعددية السياسية التي تواجه عوائق قانونية وعملية، خاصة فيما يتعلق بتأسيس الأحزاب والترخيص المسبق. سادساً، الفصل بين الدين والسياسة، وهو معيار اعتبره المحاضر غير متحقق في النظام المغربي.
أضاف بندورو معايير تكميلية أخرى تشمل تعزيز المشاركة المواطنة عبر اللامركزية المتقدمة وآليات الديمقراطية المباشرة، وضرورة وجود مجتمع مدني قوي قادر على محاربة الفساد والدفاع عن حقوق الإنسان.
اختتم المحاضر تحليله بالتأكيد على أن المغرب أمامه طريق طويل لتحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي. دعا إلى قطع نهائي مع الممارسات الاستبدادية والوصول إلى نظام ملكية برلمانية كما كانت تطالب به حركة 20 فبراير والقوى الديمقراطية الحية، ومن بينهم مكونات فيديرالية اليسار الديمقراطي.