انطلقت يوم الجمعة الماضي بمدينة الجديدة فعاليات الجامعة الربيعية لفيدرالية اليسار الديمقراطي تحت شعار “إعادة التفكير في الديمقراطية: على ضوء الحراكات الاجتماعية والفكرة الديكولونيالية”، بمشاركة باحثين ونشطاء من المغرب وخارجه.
وفي كلمة الافتتاح، أكد الأنثروبولوجي منتصر الساخي، رئيس اللجنة العلمية للجامعة، أن العلاقة بين المعرفة والسياسة لا تحكمها آلية أوتوماتيكية، خاصة في ظل أزمة القيم التي تعيشها الجامعات الغربية أمام صعود اليمين والعنف الاستعماري، مشيرًا إلى أن الجنوب يعاني بدوره من أزمات بنيوية تعيق بناء مؤسسات معرفية فاعلة.
وأوضح الساخي أن الجامعة المغربية أصبحت امتدادًا لأزمة التعليم، حيث تساهم التخصصات الأكاديمية في إبعاد الباحثين عن قضايا التغيير السياسي، داعيًا إلى ضرورة خروج المعرفة من القاعات المغلقة إلى الفضاء العمومي. “على السياسي أن يحرك المياه الراكدة في بيت المعرفة، ويدعوها إلى ربط البحث العلمي بأوجاع المجتمع واللحظة التاريخية”، قال الساخي، مؤكدًا أن بناء فضاء عمومي جديد يطرح إشكاليات الحاضر والمستقبل يتطلب تنسيقًا مسؤولًا بين السياسي والعالم.
وأشار إلى أن هذه الدورة الأولى للجامعة الربيعية تسعى إلى إحياء العلاقة بين السياسي الشجاع القادر على استشراف المستقبل، والمثقف المسؤول أمام الناس والتاريخ، موضحًا أن دور المثقف يكمن في وضع السياسي أمام مسؤولياته عبر البحث في آليات التخلف والتفكك، وبلورة إجابات عبر السياسات العمومية.
كما أبرز الساخي أن اللجنة العلمية ركزت على قضية الديكولونيالية في ظل تصاعد الهيمنة الاستعمارية الجديدة، من الغزو الصهيوني في فلسطين إلى التدخلات الأجنبية في إفريقيا والشرق الأوسط، داعيًا إلى إحياء فكر رواد التحرر مثل فرانز فانون وباتريس لومومبا وتوماس سانكارا. “هذه المواجهة تتطلب وحدة عالمثالثية ومغاربية وإفريقية، وأبحاثًا تجدد النقاش الديكولونيالي”، قال الساخي.
واختتم الساحي، كلمته بالشكر للمشاركين من باحثين ونشطاء من المغرب وتونس وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، معتذرًا عن غياب بعض المفكرين بسبب التزامات أخرى، متمنيًا أن تسهم الجامعة في بلورة رؤية نقدية تربط بين الفكر والممارسة السياسية.
يذكر أن الجامعة الربيعية تأتي في إطار سعي فيدرالية اليسار الديمقراطي لتعزيز النقاش حول الديمقراطية التشاركية والعدالة الاجتماعية، وربط الحراك السياسي بالنتاج الفكري في سياق الأزمات المتعددة التي يعيشها المغرب والمنطقة.