قال النقيب عبد الرحيم الجامعي إن مشروع المسطرة الجنائية قد يواجه نفس مصير مشاريع قوانين سابقة تم سحبها في عهد كل من مصطفى الرميد ومحمد بنعبد القادر ومحمد أوجار. جاء ذلك خلال ندوة نظمتها “فدرالية اليسار” يوم الجمعة، حيث أكد أن المشروع الجديد لن يحقق التوازن المطلوب في العدالة الجنائية، بل سيكرس هيمنة الضابطة القضائية والنيابة العامة وقاضي التحقيق.
وأوضح الجامعي أن هذه المؤسسات الثلاث أصبحت القوة الفعلية في المشروع، ما يعكس توجهًا أمنيًا واضحًا على حساب الحقوق والحريات. وأضاف أن المشروع، بصيغته الحالية، يغلق آفاق التحول الحقيقي في العدالة الجنائية بالمغرب، ويثير تساؤلات حول الديمقراطية ومدى ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، بالإضافة إلى استقلال السلطة القضائية وحقوق الدفاع وقرينة البراءة وحرية الإثبات.
وقال الجامعي “المشروع الحالي يتضمن نصين تنظيميين، الأول يتعلق بالتسجيل السمعي البصري خلال فترة الحراسة النظرية، وذلك عند تلاوة المحاضر وأثناء التوقيع عليها”، مشيرًا إلى أن “هذه التقنية لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد خمس سنوات، أي في سنة 2030”.
وأوضح أيضًا أن “النص الثاني يتعلق بإذن وزير العدل للجمعيات بتنصيب نفسها طرفًا مدنيًا في قضايا معينة”، مؤكدا أنه “رغم أن ديباجة المشروع تتضمن مبادئ كبرى، فإنها تظل غير كافية مقارنة بضخامة المشروع”.
وأشار إلى أن وضع السجون في المغرب خطير ويستدعي إصلاحًا عاجلًا، لافتًا إلى أن تدبير السياسة العقابية والدعوى العمومية من قبل النيابة العامة يطرح العديد من الإشكالات. وأكد أن مشروع المسطرة الجنائية يحتاج إلى توجهات واضحة تضمن تحقيق العدالة، وليس فقط ديباجة شكلية.
ودعا الجامعي إلى إدخال تعديلات جوهرية على المشروع، من بينها اعتماد الاعتراف بالذنب كوسيلة لتقليص الاعتقال الاحتياطي في بعض الجرائم، وإعادة النظر في السلطة التقديرية للقضاة والنيابة العامة والضابطة القضائية لضمان عدم المساس بالحقوق والحريات، وتوسيع نطاق الحق في الصمت ليشمل جميع مراحل المحاكمة وليس فقط أثناء الحراسة النظرية، إلى جانب تكريس مجانية التقاضي وفق ما ينص عليه الدستور.
وأكد في ختام مداخلته على ضرورة مراجعة المشروع لتحقيق توازن بين الاعتبارات الأمنية والحقوقية، وضمان عدالة جنائية تحترم حقوق المواطنين وتتماشى مع المبادئ الدستورية.