الفساد مُتغلغل في الاقتصاد المغربي عموما وليس فقط السردين.. وقيادات حزب “الرسالة” تنتفض ضد كذب “حكومة الباطرونا”

مدة القراءة: 8 دق.
الفساد مُتغلغل في الاقتصاد المغربي عموما وليس فقط السردين.. وقيادات حزب “الرسالة” تنتفض ضد كذب “حكومة الباطرونا”

لا حديث في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا على عبد الإله بائع السمك، الذي فضح ضمنيا المحتكرين، وكشف عن الثمن الحقيقي للسمك في سوق الجملة.

وفي الوقت الذي كان يُنتظر من الحكومة أن تتجه إلى مراقبة فعلية للأسعار، كان العكس سيد الموقف، بل حاولت النيل من “فاضح الفساد والاحتكار”، من خلال إغلاق محله، بداعي عدم احترام الشروط الصحية، وهو التبرير الذي أثار موجة سخرية في مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث اعتبر رواد الأخيرة، أن الأمر لا يتجاوز تصفية حسابات واضحة مع شاب فضح الفساد.

بسؤال من البرلمانية التامني.. تصفية الحسابات مع “مول الحوت” في قبة البرلمان

وفي هذا السياق، وجهت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، حول استهداف مُبلّغي الفساد بدلًا من فتح تحقيق جاد بشأن المضاربات وارتفاع أسعار السمك، وذلك على خلفية إقدام السلطات على إغلاق محل السمك الخاص بالشاب المراكشي عبد الإله، المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي، بأسعار منخفضة.

وقالت التامني: “إن فضح الفساد في المغرب بات اليوم محط خطورة على الفاضحين، سواء كانوا من عامة الشعب أو من التجار الصغار، بل حتى المجتمع المدني”، مسترسلة: “ولعل أحد هؤلاء شاب واقعة السردين، الذي باعه بخمسة دراهم للكيلو في مدينة مراكش، والتي فضحت احتكار الكبار لسوق السمك في المغرب، الذين يشترون سمك الفقراء (السردين) بثمن لا يتجاوز ثلاثة دراهم لبيعه بعشرة وعشرين درهما للكيلوغرام الواحد، في ممارسة واضحة للربح اللاأخلاقي، والتي تكرس ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، لاسيما ونحن على أعتاب شهر رمضان الذي يعرف استهلاكًا مكثفًا للسمك على طاولة الإفطار”.

 

وأوضحت البرلمانية أن “الجميع كان ينتظر أن يفتح تحقيق جاد وموضوعي في الأثمنة الحقيقية للسمك، إلا أن السلطات سارعت للتضييق على شاب يبيع السردين بثمنه الحقيقي، بذريعة السلامة الصحية”، وهو ما يطرح حسبها “التساؤل: هل يُراقب المكتب الوطني للسلامة الصحية كل المحلات، بما فيها المحلات الكبرى التي لا تحترم معايير السلامة الصحية في كل المدن تعميماً للمراقبة، أم يتعلق الأمر فقط بتصفية حساب مع شاب فضح المحتكرين؟ أم لأنه وضع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في موقف محرج، وجعلها عاجزة عن اتخاذ أي قرار ضد صناع ارتفاع الأسعار، والتي تعد مسؤولية الوزارة المذكورة؟”.

وتساءلت التامني عما إذا لم يكن “من الأولى فتح تحقيق جدي في الأسواق الكبرى للأسماك، خصوصًا وأن الأمر، في سياقه وظرفيته المتسمة بغلاء غير مسبوق، أثار استياء المواطنين وأفقدهم الثقة في مؤسسات الرقابة، مع وجود شبهة تصفية حساب مع شاب فضح المستور، وهو الأثمنة الحقيقية للأسماك”.

وطالبت برلمانية حزب “الرسالة” وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بالكشف عن التدابير التي تعتزم الوزارة القيام بها، أولاً من أجل فتح تحقيق فعلي وتجنيب المغاربة ارتفاع الأسعار المهول، ومواجهة المضاربين والمحتكرين، والكف عن تصفية الحسابات مع كل مواطن أو هيئة فضحت فسادًا سواء عامًا أو خاصًا.

 

الشاوي : “المغرب يختنق تحت وطأة الوسطاء في كل القطاعات”

من جانب اخر، علق عضو عضو المكتب السياسي، لحزب فدرالية اليسار الديمقراطي، يوسف الشاوي، على الموضوع في تدوينة عبر حسابه في الفيسبوك، معتبرا أن “المغرب يختنق تحت وطأة الوسطاء في كل القطاعات من الاقتصاد إلى الإدارة ومن التجارة إلى الخدمات. لكن حصر المشكل في مجرد الوسطاء “الشناقة” تبسيط ساذج، بل تضليل مقصود”، متسائلا “السؤال الجوهري ليس لماذا يوجد وسطاء؟ بل من الذي خلق هذا النظام الطفيلي ومن الذي يغذيه ويحميه ليزدهر؟ شبكة معقدة من المحظوظين والمستفيدين من اقتصاد الريع من رجال السلطة المتواطئين ومن الأوليغارشية المالية التي تمتص دماء الشعب دون حسيب ولا رقيب.. هؤلاء لا يريدون أن يكون للمواطن وصول مباشر إلى حقوقه، بل يريدون أن يظل محكوما بمنظومة تفرض عليه المرورر عبر قنوات التحكم والإذلال”.

وتابع عضو المكتب السياسي لـ”الرسالة” “سياسة مدروسة تبقي مقدرات الشعب في حالة احتكار، فساد، زبونية، وغياب العدالة الاجتماعية، الذين يبررون هذا الواقع إما مستفيدون منه، أو مغفلون يخدمونه دون وعي “Les idiots du village”.. أما من يرفضه فعليه أن يدرك أن الحل لا يكمن في المطالبة بإصلاحات تجميلية بل في كسر الحلقة بالكامل، في تفكيك هذه البنية الريعية وإعادة توزيع السلطة والثروة وفق منطق ديمقراطي يضمن كرامة الإنسان وحقوق المواطنات والمواطنين”.

 

اليماني : لا حل إلا بإسقاط قانون تحرير الأسعار

من جانبه علق عضو المجلس الوطني لحزب فيديرالية اليسار الديمقراطي، الحسين اليماني، على ضجة الأسماك، في تدوينة عبر حسابه في الفيسبوك “لا حل للتحكم في الأسعار ، إلا بإسقاط قانون تحرير الأسعار ، وإلى حين توفر آليات المنافسة الشريفة والقضاء على اللوبيات المتحكمة في الأسواق”.

وتساءل عضو برلمان “الرسالة”، في تدوينة أخرى، “هل سينتصر الشعب لنفسه ؟ نموذج مول السردين”.

الغلوسي يدين احتجاز بائع السمك

في المقابل، يرى عضو المجلس الوطني لحزب فيديرالية اليسار الديمقراطي، محمد الغلوسي أن احتجاز بائع السمك لساعات جريمة معاقب عليها قانوناً، وتتطلب فتح تحقيق قضائي لتحديد ملابسات هذا الاحتجاز، مشيرا إلى ضرورة محاسبة جميع المتورطين في هذا الفعل، إن صحت الادعاءات، حيث يعتبره انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وليس مجرد مخالفة إدارية.

ويخشى الغلوسي من أن يكون إعفاء القائد مجرد تضحية بكبش فداء لامتصاص غضب الرأي العام، دون مساءلة باقي المسؤولين المتورطين في القضية. ويدعو إلى ضرورة فتح تحقيق شامل وسريع لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء ما حدث، وعدم الاكتفاء بإعفاء القائد فقط.

ويطرح الغلوسي عدة تساؤلات حول القضية، منها: لماذا تم إغلاق محل بيع السمك الخاص بـ “مول الحوت” بعد الضجة التي أثيرت، ولماذا لم يتم اتخاذ إجراءات مماثلة قبل ذلك مع العلم أن المحل كان يمارس نشاطه بشكل علني؟ وهل جميع محلات بيع السمك في مراكش تتوفر على الشروط اللازمة لبيع السمك للمستهلكين، وهل تخضع للمراقبة من قبل اللجان المختصة؟

كما يتساءل الغلوسي عن مدى مسؤولية قائد الملحقة الإدارية وحده عن التجاوزات المفترضة، أم أن هناك أطرافاً أخرى متورطة ولم يتم محاسبتها؟ ومن هم الأشخاص والجهات المتورطة في المضاربة ببيع السمك وجني الأرباح الطائلة، وهل تم اتخاذ أي إجراءات ضدهم؟

ويرى الغلوسي أن ربط المسؤولية بالمحاسبة لا يتماشى مع التضحية بصغار الموظفين وعزلهم، بينما يتم التغاضي عن “الحيتان الكبرى” المستفيدة من الوضع. فهذه القضية تسلط الضوء على آليات المراقبة ودور مختلف الجهات المعنية، حيث إن التغاضي عن تطبيق القانون على السماسرة وأصحاب النفوذ والجاه قد يساهم في تعميق الشعور بالظلم والتمييز ويقوض العدالة.

ويؤكد الغلوسي على ضرورة محاسبة “الحيتان الكبرى” وعدم الاكتفاء بالتضحية بصغار الموظفين، حيث أن الشعب قد سئم من هذه الممارسات. ويدعو إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاسبة جميع المتورطين في مثل هذه القضايا، مهما كانت مناصبهم أو نفوذهم.

الحكومة تكذب

وكما كان متوقعا، سارعت الحكومة للركمجة، بحيث اعتبر الناطق الرسمي بإسم حكومة “الباطرونا” للحديث عن عبد الإله مول الحوت، معتبرا أنه يعكس توجهات الحكومة الحالية، إلا أن برلمانية حزب الرسالة فاطمة التامني علقت على الموضوع، في تدوينة على حسابها في الفيسبوك “لا اسي بيتاس، توجه الحكومة هو السبب في غلاءالاسعار، لأنكم تكرّسون الريع وتشجعون الشناقة وتدعمون اللوبيات”، متهمة الناطق الرسمي بإسم الحكومة بالكذب “بلا ما تكذبو على المغاربة، كان بامكانكم تسقفو الاسعار او رفضتو، لأنكم حكومة الرأسمال و الجشع”.

 

شارك هذا المقال
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version