أكد نجيب أقصبي الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي وعضو المجلس الوطني لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، خلال حوار أجراه مع مجلة “تشالنج”، أن إصلاح النظام الضريبي في المغرب يعد خطوة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية. أقصبي، أشار إلى أن الإصلاح الجبائي يجب أن يقوم على أسس الإنصاف والكفاءة، مع التركيز على توزيع الأعباء بشكل عادل وتحقيق الشفافية في جميع المراحل، معتبرا أن الوضع الحالي للنظام الضريبي في المغرب يتسم بالتفاوتات الكبيرة والإجحاف، مما يزيد من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، ويؤدي إلى تفاقم الفقر والتهميش في العديد من المناطق.
وأوضح أقصبي أن الدين العمومي يشكل تحديا كبيرا للاقتصاد المغربي، حيث إن جزءا كبيرا من الموارد يتم توجيهه لخدمة الدين على حساب القطاعات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. وأشار إلى أن هذا الوضع يعرقل التنمية ويزيد من صعوبة تحقيق العدالة الاجتماعية. وشدد على ضرورة إعادة النظر في آليات الاقتراض وإدارة الدين لضمان استدامة النظام المالي وتقليل الاعتماد على المؤسسات المالية الدولية، مشيراً إلى أن هذا يتطلب سياسات اقتصادية أكثر حكمة وتركيزا على تحقيق النمو الداخلي.
كما أشار إلى أن توزيع العبء الجبائي يجب أن يكون أكثر عدلا، بحيث تتحمل الفئات ذات الدخل المرتفع المسؤولية الأكبر، في حين يجب تخفيف العبء عن الفئات الهشة والمهمشة. وأكد أقصبي أن الإصلاح الجبائي يجب أن يتماشى مع تعزيز الشفافية والحد من الفساد والتهرب الضريبي، وهو ما سيسهم في بناء نظام اقتصادي يحقق التنمية الشاملة والمستدامة، ويضمن توجيه الموارد إلى القطاعات التي تحتاجها فعلاً، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. وأوضح أن التهرب الضريبي يمثل مشكلة كبيرة تؤثر على قدرة الدولة على تمويل هذه القطاعات بشكل كاف.
وأضاف أقصبي أن تحقيق هذه الإصلاحات يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاونا حقيقيا بين مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، من أجل الوصول إلى نموذج تنموي جديد يستجيب لتطلعات المواطنين ويضمن توزيعا عادلا للثروة. وأشار إلى أن هذا النموذج يجب أن يكون شاملا ويأخذ بعين الاعتبار احتياجات جميع فئات المجتمع، مع التركيز على الفئات الهشة التي تعاني من التهميش. وشدد على أن الإصلاح الجبائي لا يمكن أن ينجح دون مشاركة فعالة من المواطنين ومساءلة دائمة للحكومة لضمان تحقيق الأهداف المرسومة.
وأكد أقصبي أن العدالة الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق دون نظام ضريبي عادل يضمن المساواة في الفرص ويعزز من قدرة الدولة على تمويل الخدمات العامة. وأوضح أن الإصلاح الجبائي يجب أن يترافق مع إصلاحات أخرى تشمل تحسين نظام التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية المستدامة. كما أكد على أهمية تحسين كفاءة الإدارة المالية للدولة وضمان توجيه الموارد بشكل فعال لتحقيق الأهداف التنموية