فيدرالية اليسار تنظم الملتقى الأول للمثقفين والمبدعين بمراكش: دعوة جماعية للنهوض بثقافة التنوير.

مدة القراءة: 5 دق.

في حدث استثنائي يعكس الوعي بدور للثقافة في النضال السياسي والاجتماعي، نظم حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي الملتقى الأول للكتاب والمبدعين أيام 27 ,28 و29 شتنبر بمدينة مراكش. هذه التظاهرة الثقافية، التي تأتي في ظل تحولات عميقة تشهدها الساحة الوطنية، شهدت حضوراً كبيراً من المثقفين والمبدعين الذين تجمعوا حول قضايا أساسية تمس جوهر قضايا المجتمع المغربي.

دعوة للالتزام الثقافي

في كلمته الافتتاحية، رحب الأمين العام للحزب بالحضور، وأثنى على مشاركتهم في هذا الحدث الذي وصفه بأنه لحظة لتبادل الأفكار والنقاش حول دور الثقافة في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية. وأكد على أن الثقافة ليست مجرد أداة للترفيه، بل هي أحد أعمدة النضال من أجل التغيير الديمقراطي. وقال: “المثقف اليساري ليس مجرد شاهد على التحولات، بل هو رائد يساهم بفكره وإبداعه في رسم مسارات التغيير وبلورة المشروع المجتمعي الذي يقوم على قيم الحرية، الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.”

وأشار إلى أن هذا الملتقى يأتي في وقت تواجه فيه البلاد تفاقماً في الفساد والاستبداد، مما يزيد من الفوارق الاجتماعية ويعرقل التنمية. “الثقافة الملتزمة هي أداة لمواجهة هذه التحديات، فهي تساهم في تشكيل الوعي الجماعي وتحفيز الأفراد على التفكير النقدي، مما يمكّنهم من التصدي لثقافات التزييف والتحريف التي تحاول تكريس الوضع القائم.”

النضال ضد الاستبداد و نشر ثقافة التنوير

و بعد توصيفه لمظاهر الأزمة التي تعرفها الساحة الثقافية كجزء من الازمة العامة التي تعرفها بلادنا تطرق الأمين العام الى العلاقة بين الثقافة والسياسة، مشيراً إلى أن “السياسة كثيراً ما تستمد مقولاتها من الإنجاز الثقافي، بينما تسهم الثقافة في تغذية الوعي السياسي والتحفيز على النضال من أجل التغيير.”

و شدد الأمين العام على أن المثقف اليساري يجب أن يكون في طليعة النضال ضد سياسة التيئيس و التضبيع . “نحن نواجه ليس فقط السياسات الاستبدادية، بل أيضاً الأيديولوجيات التي تسعى إلى قمع أي محاولة للتغيير وتكرس قيم الخضوع والاستكانة. هنا يأتي دور المثقف في كشف أبعادها الفكرية و فضح دورها في استمرار الوضع القائم.”

كما أكد على أن “الثقافة الأصولية” تشكل تهديداً آخر على حرية الفكر والإبداع، وأنه يجب التصدي لها . “من مهام المثقفين اليساريين الوقوف في وجه هذه الايديولوجيا التي تحاول فرض قيم التسلط الفكري والتشدد الديني، والتي لا تخدم تطلعات المجتمع نحو الحرية والديمقراطية.”

وأضاف أن “المثقف لا يجب أن يكون مراقباً أو متفرجاً، بل يجب أن يكون فاعلاً رئيسياً في صياغة السياسات التي تخدم المجتمع وتحقق التقدم ويسعى إلى سيادة ثقافة تعتمد على التنوير والعقلانية، وتدافع عن قيم التعددية الثقافية وحرية الفكر.”

الأمل في التغيير

واختتم الأمين العام كلمته بدعوة جميع المثقفين والمبدعين إلى المشاركة الفعالة في مواجهة التحديات الراهنة، مؤكداً أن الثقافة هي السلاح الأقوى في مواجهة الفساد والاستبداد. “إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نؤمن أن التغيير يبدأ بالفكر، وأن المثقف هو ضمير الأمة الذي يدافع عن القيم الإنسانية ويعبر عن تطلعات الشعب.”
كما ذكر الأمين العام بعناصر البرنامج الحزبي وضمنه المبادرات السياسية والثقافية التي سيتم اطلاقها.

ملتقى ثقافي يعرف نقاشات مثمرة

عرف الملتقى على مدى ثلاثة أيام نقاشات عميقة وفعاليات ثقافية متنوعة. وشهد حضورًا لافتًا لمبدعين من مختلف المشارب: شعراء، كتاب، مسرحيون، سينمائيون، وأساتذة باحثون في الفلسفة وعلم الاجتماع والقانون والاقتصاد.
تمحورت النقاشات حول عدة مواضيع، أبرزها المائدتين المستديرتين اللتين حظيتا باهتمام كبير:

  1. علاقة الثقافي بالسياسي، حيث جرى استعراض دور الثقافة في تشكيل الوعي السياسي للمجتمع، والتحديات التي تواجه ثقافة التنوير في بلادنا وكذا الإشكالات التي قد يعرفها المثقف داخل التنظيم وسبل تجاوزها .
  2. تقييم السياسات العمومية، التي تناولت النقاش حول تأثير السياسات الحكومية على الثقافة والمجتمع، وما تتطلبه المرحلة من بدائل وحلول للارتقاء بالواقع الثقافي في بلادنا

توصيات ومقترحات للنهوض بالفعل الثقافي

خرج الملتقى بتوصيات مهمة، أبرزها:

أ_ضرورة الانفتاح على المثقفين التنويريين في الملتقيات المقبلة لتعزيز الحوارات الفكرية والسياسية.

ب_ تنظيم ملتقيات جهوية موضوعاتية تركز على قضايا محددة حسب المناطق.

ج_ زيادة حضور المثقفين والمبدعين في برامج الحزب وتعزيز دورهم في صياغة السياسات والبرامج الحزبية .

د _نظيم ملتقى مغاربي للمثقفين اليساريين والديمقراطيين لتشجيع التعاون بينهم و لمواجهة حملات الكراهية بين الشعوب.

أنشطة ثقافية متنوعة

إلى جانب النقاشات الفكرية، عرف الملتقى تكريم الرفيقين الراحلين عبدالعزيز النويضي والمختار بنعبدلاوي حيث استعرض الرفيقين محمد الساسي وامين الكوهن حياتهما الثقافية والسياسية ومساهمتهما الفكرية والنضالية في تو حيد تنظيمات اليسار الديمقراطي كما تم تنظيم معرض لكتب المثقفين المشاركين، إضافة إلى أمسية ثقافية قدمت خلالها قراءات شعرية وزجلية، و لوحات مسرحية أضفت على الفعالية طابعًا فنيًا وثقافيًا عميقًا.

مرّ الملتقى في أجواء رفاقية عالية، مما يؤكد على أهمية الثقافة كواجهة من واجهات النضال في تعزيز قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ودور المثقفين في مواجهة ثقافات التزييف والتحريف.

شارك هذا المقال
اترك تعليقا