“حزب الرسالة يُدخل برقية حراك فكيك لقبة البرلمان”.. خُبراء يحللون ندرة الماء داخل مجلس النواب

مدة القراءة: 11 دق.

نظمت برلمانية فيديرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، يوما دراسيا حول “ندرة المياه بالمغرب التحديات الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية”، بمشاركة خبراء وأكاديميين ونشطاء في حراك فكيك، وذلك يوم الخميس الماضي بمجلس النواب.
وفي سياق ذي صلة، سلط اليوم الدراسي الضو ء على مجموعة من النقط المهمة في ما يتعلق بأزمة الماء التي يتخبط فيها المغرب، ولعل أبرزها الندرة البنيوية للمياه والمسألة الفلاحية والقروية في المغرب أسباب النقص المائي الحالي بالمغرب، بالإضافة للحق في الماء بالمغرب بين الترسانة القانونية و الواقع، والجوانب المتعلق بالموارد المائية بالمغرب: التساقطات، التوزيع، الاستعمال والآثار، وتم تسليط الضو ء أيضا على خطوط الحلول في المستقبل، و”الإشكالات المائية في الواحات المغربية وحيثيات حَراك فجيج”.


وأُستهل اليوم الدراسي، بكلمة المكتب السياسي لحزب فدرالية اليسار الديمقراطي، والتي ألقاها نائب الأمين العام للحزب، علي بوطوالة والتي سلط من خلالها الضوء على التحديات والمشاكل التي تواجه البلاد أمام نذرة المياه، بالإضافة للجانب الحقوقي، وأبرزها حراك فكيك والاحتجاجات المتواصلة هناك، رافضين بذلك خوصوصة المياه لاسيما أمام التشاركية المعتمدة في المنطقة من أجل توزيع الماء.
وعن “الندرة البنيوية للمياه والمسألة الفلاحية والقروية في المغرب”، فقد تحدث العربي الزݣدوني، من خلالها عن أزمة المياه والزراعات المستنزفة للمياه، التي يتخبط فيها المغرب.
أما في ما يخص “أسباب النقص المائي الحالي بالمغرب، الحق في الماء بالمغرب بين الترسانة القانونية و الواقع، خطوط الحلول في المستقبل”، والتي أشار من خلالها الخبير مهدي لحلو، إلى حراك فكيك، مشددا على تخبط المجلس البلدي بين رفض الشركة الجهوية لخوصصة الماء، والتراجع عن ذلك، متسائلا عن موقع الديمقراطية في المعادلة؟.
وعن “الموارد المائية بالمغرب: التساقطات، التوزيع، الاستعمال والاثار “، فكانت مداخلة قروق محمد سعيد، تشير إلى كون “الجفاف قاعدة، وعودة الماء مضمونة بشمال المغرب”.
ويضيف أيضا قروق، إلى أن “نظام هطول الأمطار في المغرب بالتقلب المكاني القوي. ويتوزع متوسط هطول الأمطار السنوي على النحو التالي: أكبر من 800 ملم في المنطقة الأكثر رطوبة في الشمال، بين 400 إلى 600 ملم في المنطقة الوسطى، بين 200 و400 ملم جهة الشرق وسوس؛
بين 50 و200 ملم في مناطق جنوب الأطلس، وأقل من 50 ملم في حوضي الساقية الحمراء ووادي الذهب”، متابعا أن “حوضي اللوكوس وسبو يمثلان اليوم 11 يوليوز 2024 اكثر من ثلاثة أرباع المياه المتوفرة بعد اكثر من 6 سنوات من الجفاف %75,9”.
ويتابع المتحدث أيضا في مداخلته، أن الوضع في المغرب من جانب المياه صعب للغاية، متابعا أن “87 في المئة من المياه تتجه للفلاحة، أما الباقي فهو الذي يتجه للشرب والفنادق وغيرها من مستعملات المياه”.


وتحدث عبد الرحمان الحرادجي، عن “الإشكالات المائية في الواحات المغربية وحيثيات حَراك فجيج”، والذي أشار من خلالها كون “الواحات مجال صحراوي طبيعي لأسباب مناخية”، مضيفا أن “العجز المائي مستديم: لا إنبات إلا بالسقي”.
وعن “الإشكالات المائية الحالية جديدة”، دعا الأستاذ الجامعي إلى وقف “الضخ المفرط، وافتراس الماء وتجاهل لحقوق الآخرين”، داعيا إلى “المجانية وتغييب البصمة المائية، ومنع الفردانية الأنانية والتنافس غير المتكافئ في استغلال الماء”.
وعن الحلول التي لابد من إدراجها، يقول أستاذ الجغرافيا بجامعة الحسن الأول بوجدة، باتت الضرورة تقتضي “تبني التدبير الجماعي واحتواء المشاريع الفردية ضمن مقاربة، وتعزيز المشاريع التشاركية الجماعية للتحكم في الموارد المائية”.
أشار المتحدث، إلى أن الوضع الحالي يلزم بـ”وضع الضخ المؤثر في أصباب العيون تحت المراقبة، ومواجهة الهدر المائي المنساب والمتسرب خارج التراب الوطني”، في إشارة للحدود المغربية الجزائرية بفكيك.
وعن حيثيات حراك فجيج، يقول الاستاذ الجامعي في اليوم الدراسي الذي نظمته برلمانية “الرسالة”، أن “شبكة ماء الشرب في فكيك هو إنجاز للمجتمع المدني، وماء الشرب جزء من مياه السقي من حيث المصادر والاستغلال التقليدي”.
في ما يخص حراك فكيك، قال الأستاذ الجامعي، أن “التشبث بالتدبير الجماعي درء للريع والخصخصة ورفع الأسعار، وحق الانتفاع من الماء للشرب متوارث مثل حقوق الانتفاع للسقي المعترف بها في الجريدة الرسمية، وبالتالي لا يمكن تفويته أو بيعه شكلا ولا مضمونا”، مضيفا أنه “باستطاعة المجلس الجماعي أن يعالج الاختلالات القائمة”.
وخلص المتحدث، “فجيج أصلا وواقعا ليست مدينة حقيقية، بل واحة لها خصوصيات”.
ولأول مرة، حضرت كلمة الحراك المائي بفكيك، داخل مجلس النواب وذلك من خلال مداخلة أحمد اسهول، حول “شهادات : مشكل تدبير قطاع الماء بفجيج”، من جمعية مؤسسة ثقافات الواحات، ومداخلة فاتحة قادي: “علاقة المرأة بالماء ورهان تدبير ندرةالماء مستقبلا، فجيج نموذجا”، من منتدى النساء للتنمية المستدامة فجيج.


وأكدت المداخلتان على خصوصية المنطقة، وأيضا في ما الجانب المتعلق بدور النساء باعتبارهن “دينامو” الحراك.
وأضافت المداخلتان المتعلقتان بحراك فكيك، على كيفية الانقلاب على الديمقراطية من قبل المجلس البلدي، بضغط من السلطات، وضدا في الساكنة، وعن كون منطقة فكيك لديها خصوصية كبيرة في ما يخص توزيع الماء، لاسيما أن الساكنة هي من تفوض تدبير الماء للجماعة وبالتالي لا يمكن القبول بشركة توزيع الماء.
وقال مصطفى إبراهيمي عضو التنسيقية المحلية للترافع حول ماء فكيك، في تصريح لـ”FGD.MA”، أن “هذا اليوم الدراسي الذي نظمته برلمانية فيديرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني كان مهما وغنيا في نفس الوقت، من خلال المداخلات التي قدمها الأساتذة والتي ناقشت أزمة الماء في المغرب وندرته في البلاد”.
وتابع المتحدث، “أيضا كان هناك الحديث عن مشكل فكيك، والحراك في المنطقة، وخصوصية الواحة، بالإضافة لرفض الساكنة المتواصل لتدبير الشركة لماء فكيك، مطالبين بالإنصات والتجاوب مع نبض الشارع والاحتجاجات المتواصلة في المنطقة التي تقودها نساء المنطقة هناك”.
ويقول عبد الرحمان الحرادجي، في تصريح لـ”FGD.MA”، “النقاش في اليوم الدراسي كان مهما للغاية لاسيما لطبيعة الإشكال، المتعلق بندرة الماء وأيضا في ما يخص حراك فكيك، والذي يبقى مشروعا (حراك فكيك)”، مضيفا “ماء الشرب كان دائما في فكيك بالمجان أو بتدبير من الجماعة بثمن رمزي ومن غير المعقول أن يتجه الأمر لبيعه من شركة خاصة”.
ويضيف المتحدث، أنه لا وجود لضمانات أنه عند دخول الشركة الخاصة سيكون الثمن في متناول الفكيكيات والفكيكيين، وضمان اخضرار الواحة رهين بالتدبير الجماعي لقطاع الماء.
من جانبها قالت البرلمانية التامني، في تقديمها لليوم الدراسي، أن “ندرة المياه في المغرب تُعد واحدة من أكبر التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المغرب فهي ان كانت نتاج العوامل الطبيعية والبشرية التي تضافرت لتفاقم الوضع على مر السنوات على اعتبار ان المغرب يعاني من تغيرات مناخية تؤدي إلى انخفاض كميات الأمطار وزيادة فترات الجفاف”.

وأضافت البرلمانية، أن “المغرب يعتمد بشكل كبير على الأنهار والمياه الجوفية، والتي تتأثر بشكل كبير بتقلبات المناخ، إلا أن السياسات الحكومية المتعاقبة لم تنجح بما يكفي في مواجهة هذه التحديات،
فالمخطط الأخضر الذي أُطلق في 2008، والذي كان يهدف إلى تعزيز القطاع الزراعي من خلال استخدام تقنيات حديثة وري أفضل،إلا أنه ركز على زراعات تستهلك كميات كبيرة من المياه ؛ الفواكه والخضروات التي تُصدّر للأسواق الأوروبية ، الافوكا والبطيخ والنخيل وهي زراعات مستنزفة للفرشة المائية، مما أدى إلى استنزاف الموارد المائية الجوفية في مناطق عدة
ندرة المياه في المغرب لها تداعيات اقتصادية كبيرة، منها: التاثير على الزراعة، الزراعة تستهلك نحو 85% من الموارد المائية في المغرب. ندرة المياه تؤدي إلى تقليص المساحات المزروعة وانخفاض الإنتاجية الزراعية، مما يؤثر على الأمن الغذائي ويزيد من تكاليف الإنتاج، كذلك ارتفاع تكاليف المعيشة لكون قلة الموارد المائية تزيد من تكاليف توفير المياه للاستخدامات المنزلية والصناعية، مما يؤدي إلى زيادة في تكاليف المعيشة وأسعار المنتجات”.

وفي ما يخص مستوى السياحة، تقول التامني في ورقتها التقديمية، “فالسياحة تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، سواء للفنادق أو المنتجعات. ندرة المياه قد تؤدي إلى تقييد النشاط السياحي، مما يؤثر سلبًا على هذا القطاع المهم”.

وعلى مستوى الصناعة ؛ فالصناعات التي تعتمد على المياه بشكل كبير، مثل صناعة الأغذية والمشروبات، تواجه تحديات في تأمين احتياجاتها المائية، مما قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج وزيادة التكاليف.

وتأثر القطاعات الاقتصادية الرئيسية بندرة المياه يؤدي إلى فقدان الوظائف وزيادة معدلات البطالة، خاصة في المناطق القروية حيث يعتمد الناس بشكل كبير على الزراعة، حسب الورقة التقديمية .
كما ان ندرة المياه في البوادي والقرى تدفع السكان إلى الهجرة نحو المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل وخدمات أفضل، مما يزيد من الضغط على البنية التحتية والخدمات في المدن.

اما على المستوى البيئي ، فاستنزاف الموارد المائية الجوفية يؤثر على التوازن البيئي ويهدد التنوع البيولوجي في المناطق المتضررة. كما أن استخدام التقنيات الحديثة في الري، رغم أنها تساعد في تحسين الإنتاجية، إلا أنها قد تؤدي إلى مشاكل بيئية مثل تلوث المياه بالمبيدات
على المستوى الاجتماعي

وفي ما يخص، ندرة المياه في المغرب لها تداعيات اجتماعية خطيرة، ومن بين هذه التداعيات ، “التوترات الاجتماعية لان ندرة المياه تؤدي إلى زيادة التوترات ، خاصة في المناطق المهمشة والقروية، حيث يعتمد السكان بشكل كبير على الزراعة والرعي. فالنزاعات على الموارد المائية تؤدي إلى صراعات داخل المجتمعات وبين المزارعين”، وأيضا “الهجرة الداخلية ، نقص المياه يدفع العديد من الأسر إلى ترك المناطق الريفية والانتقال إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل وخدمات أفضل. هذا يؤدي إلى زيادة الضغط على البنية التحتية والخدمات في المدن، ويخلق تحديات جديدة مثل البطالة والفقر في المناطق الحضرية”.

وعن التأثير على الصحة العامة، كشفت الورقة التقديمية لليوم الدراسي، “ندرة المياه تؤدي إلى تدهور نوعية المياه المتاحة وزيادة الأمراض المرتبطة بالمياه، ( آسفي ، خريبكة ..). هذا يؤثر بشكل خاص على الأطفال وكبار السن، ويزيد من العبء على النظام الصحي”، وفي ما يخص التعليم فـ”نقص المياه يؤثر على التعليم، حيث يضطر الأطفال، خاصة الفتيات، إلى قضاء وقت طويل في جمع المياه بدلاً من الذهاب إلى المدرسة. هذا يقلل من فرص التعليم ويزيد من معدلات الهدر المدرسي”، و”زيادة الفقر: يعتمد العديد من السكان في المناطق الريفية على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. ندرة المياه تؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي وزيادة الفقر، مما يفاقم من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسكان”.
وخلصت الورقة التقديمية التي قدمتها برلمانية “الرسالة”، أن “كل ذلك يؤدي بالنتيجة إلى تنامي الاحتجاجات: فقلة المياه والخدمات الأساسية تؤدي إلى تزايد الاحتجاجات والمظاهرات، حيث يطالب السكان بتحسين الظروف المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية. شهدت العديد من المناطق في المغرب احتجاجات على ندرة المياه وسوء إدارة الموارد المائية، مثل احتجاجات منطقة زاكورة عام 2017 التي عرفت بـ “احتجاجات العطش””.

شارك هذا المقال
تعليق واحد