قال عضو المكتب السياسي لحزب فيديرالية اليسار الديمقراطي، محمد الساسي، أن “الفقيد عبد العزيز النويضي لم يكن مجرد ناشط حقوقي يُناضل من أجل ترسيخ مقومات دولة القانون وحقوق الإنسان وحماية المواطنين من كافة أوجه الخرق التي تمس هذه الحقوق وفضح التجاوزات والانتهاكات الصادرة عن أي طرف، بل كان منظرا في الحقل الحقوقي ومستوعبا لإشكالاته ومنتجا لنظريات وحلول ومتسبعا دقيقا لتطورات المسألة الحقوقية في العالم”.
وأضاف محمد الساسي، في كلمة له، في الذكرى الأربعينية للفقيد الأستاذ عبدالعزيز النويضي من تنظيم هيئة المحامين بالرباط وترانسبرانسي المغرب وعائلته وأصدقائه، “كان الفقيد يحرص على ربط النضال بالعلم والمعرفة، والإلمام بالتفاصيل وقراءة التجارب المختلفة والاستفادة من دروسها”.
يباشر عمله بإتقان الصانع ورعافة الفنانة
وعن تجربة الفقيد الجامعية، يقول الساسي في كلمته، “لم يكن الأستاذ عبد العزيز النويضي، أستاذا عاديا في كلية الحقوق بأكدال، بل كان مبدعا في العملية التعليمية، يباشرها بإتقان الصانع ورعافة الفنانة، إذ لا يكفي في أن ينجح المدرس في فهم ما يرتبط بحقل معرفي معين وامتلاك نصيته، بل يتعين أن يكون قادرا على جعل الآخرين (طلابه)، يتوصلون إلى القدر المطلوب من الفهم والإدراك، ويتذوقون حلاوة الدرس ويتفاعلون معه ويدركون معناه”.
أما في ما يخص “البذلة السوداء”، وعمل الأستاذ النويضي في المحاماة، يقول محمد الساسي، أن الفقيد لم يكن “محاميا عاديا بل كانت نصوص مرافعاته دروسا قانونية قيمة”.
مصداقية مشهود بها عالميا.. وحلم فكري لم يتحقق
“كانت له مصداقية عالمية”، هكذا يشهد محمد الساسي لرفيقه عبد العزيز النويضي، ويقول في مداخلته أنه “نظرا لعمق اطلاعه وسداد آرائه واجتهاداته ونزاهته الفكرية واقتداره الحقوقي ونباته العلمية وحنكته النضالية، فقد نال مصداقية عالمية لدى المنظمات الحقوقية ذات الصدى الواسع، معتبرة إياه مرجعا موثوقا به واستندت إلى الكثير من تقييماته وتحليلاته بل إن تلك المنظمات و كانت دائما ما تتجه لدعوته باستمرار لحضور مؤتمراتها وفعالياتها وندواتها واجتماعاتها وتختاره ضمن فرق عملها”.
ويضيف الساسي في شهادته، “لا يمكن للحقوقين ورجال أساتذة القانون وللباحثين في السياسة والاجتماع والإعلام والعلاقات الدولية، أن يستغنوا عن الكتب والدراسات والمقالات والأبحاث التي تركها لنا راحلنا العزيز، لقد تناول الأستاذ النويضي قضايا متعددة تهم حقوق الإنسان والنظام السياسي والدستوري المغربي وتجربة التناوب وحصيلة هيئة الإنصاف والمصالحة وقضايا الانتقال والعدالة الانتقالية والنظام القضائي المغربي وقضايا الصحافة المغربي أمام القضاء وإشكالية التنمية والعلاقات والمنظمات الدولية”.
واسترسل محمد الساسي، “كان المرحوم ينوي إتحافنا بدبج نصوص أدبية لأنه كان شغوفا بالأدب والفنون أيضا ولكن الموت حرمه من تحقيق حلمه وحرمنا من التزود بوجه آخر من أوجه عطائه البهي والساحر”.
دعوة لتوحيد اليسار وتجاوز الخلافات الهامشية والذاتية
وفي ما يخص الجانب السياسي والحزبي، يقول الساسي في شهادته عن الفقيد عبد العزيز النويضي، “كان الفقيد من دعاة توحيد اليساري الديمقراطي، وبذل من أجل ذلك جهودا مضنية، فحث رفاقه هنا وهناك على لمّ الشتات، مادام هناك اتفاق حول الأهداف الكبرى، واقتنع بأن حزبا واحدا لا يمكن أن يكون بديلا عن الوحدة، وطالب مرارا بتجاوز الخلافات الهمشية والاعتبارات الذاتية لبناء إطار موحد، وساهم بفعالية وحماس في تحضير المؤتمر الاندماجي، والذي أدى إلى انبثاق حزب فدرالية اليساري الديمقراطي”.
وفي الإطار السياسي والحزبي، يضيف الساسي، “شكل اختيار المؤتمرين (في المؤتمر الاندماجي)، لاسم عزيز النوضي كعضو في لجنة التحكيم والأخلاقيات التابعة للحزب، اعترافا منهم بما يتوفر عليه الرجل من حكمة وتبصر ونضج سياسي وقدرات قانونية”.
محمد الساسي، يقول أيضا في كلمته، “ظل الأستاذ النويضي طيلة حياته شعلة متقلة بالحماس والحيوية وكائناً ديناميكياً ثاقب الفكر خارق الذكاء محباً للحياة، متفائلاً دائماً مواظباً في العمل، دائماً للإنتاج والخلق ومبدعاً، مرحاً متواضعاً، منظماً في تحركته ونشاطه اليومي مقدراً لقيمة الزمن محترماً للمواعيد وظل ينصح رفاقه وأصدقائه بتغيير طرق العمل وتجديد الفكر والانفتاح على الطاقات التي تتماشى مع المجتمع وهجر التقاليد البالية في العمل السياسي والاستفادة من تجارب الغير والاستناد إلى العلم والمعرفة والعقلانية في النشاط الحزبي والتدبير المنتج والتحديد الدقيق للمهام”.
وخلص الساسي، في كلمته، “عبد العزيز النويضي كان رجلا استثنائيا بكل المقاييس وحقوقيا متفانيا وصاحب خبرة مشهود له بها عالميا ورجل مبادئ وسلوك قويم وشخصية ودودة وكان الراحل سابق لزمانه فلترقد روحه في سلام”.