نتناول في حوار هذا الأسبوع، التدابير الحكومية الخاصة بكبْح ارتفاع أســعار الأضاحي في المـــغرب، ومنها إلغاء رسوم الجمارك والضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأغنام، واتخاذ قرار جديد يقضي بتوفير منحة مالية للمستوردين، حيث قررت الحكومة توفير دعم جزافي عن كل رأس من الأغنام المستوردة، حددته في حدود 50 دولاراً.
ومن أجل مناقشة مدى نجاعة التدابير الحكومية في تقليص أسعار الأضاحي، يستضيف “الحوار البرلماني” النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي؛ فاطمة التامني، بصفتها متابعة عن كتب لعمل الحكومة.
نص الحوار:
في البداية، كيف ترين التدابير الحكومية لمواجهة غلاء أسعار الأضاحي في المغرب؟
بداية لابد أن نشير إلى أن أزيد من مليون مغربي/مغربية التحق بدائرة الفقر بفعل السياسات المنتهجة التي كرست الهشاشة والفقر والتفاوتات الاجتماعية، وطبعا التصور الاستراتيجي الذي لا تمتلكه الحكومة كان يقتضي إعادة النظر في الاختيارات التي تستند إليها في سياساتها على كافة الأصعدة، من أجل تأمين الأمن الغذائي والطاقة لبلادنا، وتوفير خدمات اجتماعية عمومية جيدة لجميع المغاربة، بما يضمن العيش الكريم، لأنه في الوقت الذي ترتكن فيه الحكومة إلى خطاب تبريري، مردود عليه، بالاختباء وراء الازمة العالمية، الحرب الروسية الأوكرانية، الجفاف.. هناك من ازداد غنى وحقق أرباحا هائلة.
فقد استفادت لوبيات الريع والاحتكار والمضاربات من هذه الأزمة عبر مراكمة ثروات على حساب المواطن البسيط الذي يؤدي فاتورة الازمة، دون أن تحرك الحكومة ساكنا لإنقاذه والحد من معاناته المتتالية مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بشكل غير مسبوق (المحروقات، المواد الأساسية ، الخضر، اللحوم ..) علما أنه يؤدي فاتورة تعليم الأبناء والصحة والتطبيب.
أمام كل ذلك، تطل علينا الحكومة بخرجات لا علاقة لها بالواقع ولا بمعاناة المواطنين/ات اليومية مع لقمة العيش، لتعري فشلها في تدبير الأزمة وتتحدث عن تدابير لا أثر لها على الفئات الواسعة من الشعب المغربي، كما عرت فشل مخططات طالما تغنى بها مسؤولون، على رأسها المخطط الأخضر، لنجد أنفسنا اليوم أمام استيراد الابقار والاغنام .. دون أن يكون لذلك أثر للتخفيف من الغلاء، كما أن الاستراتيجية المعقلنة كان يجب أن تعتمد رؤية استباقية للتدبير بعد سنتين من الجفاف.
طيب، وهل ستنعكس هذه التدابير على أسعار الأضاحي؟
الإجراءات التي تتحدث عنها الحكومة لم توجه للفلاح الصغير، الذي هو ضحية “الشناقة” وضحية السوق، بل المستفيد من ذلك هم الكسابة الكبار، تماما كما وقع مع فتح الباب لاستيراد الابقار من البرازيل، حيث استفاد المستوردون الكبار، دون أن ينعكس ذلك على الثمن في الأسواق بحيث لم ينخفض ثمن اللحوم.
وما هي التدابير المناسبة التي تقترحينها لكبح غلاء أسعار الأضاحي؟
بالنظر إلى الظروف المناخية للسنة الزراعية السابقة، كان على الحكومة اتخاذ تدابير تهدف إلى تقديم المساعدة المباشرة لمربي الماشية واعتماد استراتيجية لوجستية لإعداد توزيع الأعلاف الحيوانية المدعومة حسب المنطقة مع مراعاة القدرات التخزينية لصغار المربين، وحجم القطيع لكل منطقة جغرافية حتى لا ينتهي العلف المدعوم لاستفادة المربين الكبار، كما يجب محاربة “الشناقة” الذين يغرقون السوق و وضع حد للمضاربة.
اليوم الدولة لديها سجل اجتماعي، ولديها ضبط للخريطة الوطنية .. يجب أن تستهدف الفلاح الصغير بدعم مباشر، وتعتمد الاعفاء من الرسوم التي تفرضها على الكسابة على كل رأس من الأغنام عند دخول السوق. و بالنسبة للأغنام المستوردة من إسبانيا والتي ثمنها هو 700 درهما، يجب على الدولة أن تتدخل لضبط ثمن بيعها للمواطنين بدل تركهم عرضة للمستوردين الذين لا يهمهم سوى تحقيق الربح.
وهناك مسألة أخرى تتعلق بالتأمين عن الجفاف، والسؤال هنا لماذا لم تعلن الحكومة رسميا عن حالة الجفاف وأن لا تستسلم لضغوط شركات التأمين حتى يتمكن المزارعون والمربون المؤمن عليهم من الحصول على تعويض يتناسب مع حجم الضرر الناجم؟ وهي بدل ذلك تمارس سياسة “الحيط القصير” على المواطن/ة وتبيع له الأوهام.