إنني لاحظت وأنا أسائلكم اليوم بخصوص الإضراب الذي يخوضه طلبة كل كليات الطب والصيدلة وجراحة الأسنان مند أسابيع والذي قد يصل إلى سنة بيضاء، وأنتم تعلمون نتائج سنة بيضاء، بأنه وكأنني أكرر مراسلتي وسؤالي لكم قبل أسبوعين بخصوص الوضعية الصحية للمعتقلين المضربين عن الطعام التي كانت قد وصلت إلى منطقة الخطر، واعتبرت آنذاك أنكم لا تحركون ساكنا وكأن الأمر أضحى مزمنا وعاديا لا يحرك فيكم شيئا ولا يدفعكم لتحمل مسؤوليتكم في اتجاه العمل بكل الوسائل على إيقاف الفاجعة… مع الأسف إنكم تكررون نفس التعامل واللامبالاة مع هؤلاء الطلبة، فإن الأمر اليوم دقيق وعاجل وإضراب الطلبة قد يصل إلى الإعلان عن سنة بيضاء وهو ما لا نريده ولا يريده الطلبة، ونتيجتها هي هدر وضياع لمجهوداتهم وتضحيات عائلاتهم وكذا مجهودات الدولة بتمويلها لدراستهم من الضرائب المستخلصة من جيوبنا. السيد رئيس الحكومة المحترم، أتساءل هل ستستمرون في لامبالاتكم تجاه المنحى الذي أخذته احتجاجات الطلبة بل وقمعها وكأن مصير آلاف الطلبة لا يعنيكم وحكومتكم، وهل ستبقى وزارتكم في التربية الوطنية والتعليم العالي خارج التغطية تدلي ببلاغات خرساء في غياب حوار مفيد مع الطلبة. وهل اطلعتم على مطالب الطلبة المشروعة ؟ وسأذكركم بها وهي بكل إيجاز: عدم الوفاء باتفاق سنة 2015 محاولات إدماج في الجامعة العمومية وبصيغ ملتوية لطلبة كليات الطب الخاصة في التداريب الاستشفائية أو المباريات، فعوض تركيزكم السيد رئيس الحكومة على الجامعة العمومية سمحتم مع الأسف أنتم وسلفكم بتفريخ هذه الجامعات الخاصة والتي لا توجد في دول أكثر ليبرالية. هاته الجامعات الخاصة التي لا تخضع مع الأسف لأية رقابة بل قد أصبحت من الضيعات الخاصة للبعض وهذا غير مقبول ويعني الخضوع لمجموعات ضغط تفرض ما تريد، وهذه خوصصة مقنعة ومغلفة بالبدعة التي تسمونها ” شراكة عام عام” !!! وهذا مرفوض في دولة الحق والقانون كما تزعمون. فلا وجود في هذه الكليات للطب الخاصة لأي تطبيق للقانون 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، سواء تعلق الأمر بمراقبة الإدارة والجامعة والوزارة لهاته الكليات التي ترفض أية مراقبة، أو تعلق الأمر بالتسمية والترخيص والاعتماد وشروطه وبالمراقبة الإدارية والبيداغوجية والتحقق من وجود التجهيزات والوسائل التعليمية والأطر التربوية ومستوى المؤطرين وكفاءتهم وعددهم وتحديد شروط اعتماد مسالك للتكوين للاعتراف بجودتها، والكيفيات التي بموجبها يتم الاعتراف بمعادلة الشهادات التي تسلمها مع الشهادات المسلمة من التعليم الجامعي العام، بالإضافة إلى عدم فعالية الهيئات المكلفة بمراقبة مؤسسات التعليم الخاص… كما أن القانون أحال على العديد من النصوص التنظيمية التي لم يرى بعضها النور. غياب الوضوح بخصوص نظام الدراسات الطبية الجديد والتعامل بارتجالية واعتماد حلول ترقيعية تجعل الطلبة أمام مستقبل مجهول وما يترتب عنه من مخاوف مشروعة. ويتعلق الأمر هنا بتساؤلاتهم حول التفاوتات بين الكليات في تطبيق مبدأ توحيد نظام الدراسات الطبية؛ والوضوح الكافي بخصوص مباريات الإقامة والداخلية وضبط نصوصها القانونية، أو بمصير الطب العام ومفهوم طب العائلة أو ما يصطلح عليه بالمباراة الوطنية الموحدة. انعدام شروط تكوين طبي في مستوى المقاييس الطبية والعلمية الدولية، وضرورة الإسراع بتوسيع أرضية التداريب والزيادة في عدد المؤطرين الأساتذة بكليات الطب وبتجهيز مراكز المحاكاة الطبية وتوفير أحسن الشروط البيداغوجية والمهنية لتكوين طلبة طب الأسنان والصيدلة وضمان سلامتهم، والإسراع بتهيئة فضاءات كليات أكادير وطنجة ومستشفياتها الجامعية. عدم تفعيل التأمين الإجباري عن المرض بالرغم من الإسهال في الكلام عن وجوده، وتحسين التعويض عن المهام وقيمة المنحة الجامعية والزيادة في عدد المناصب المفتوحة لمباريات الإقامة والداخلية. لكل هذه الأسباب أسائلكم السيد رئيس الحكومة المحترم، متى ستتدخلون لإنقاذ طلبة كيات الطب والصيدلة وجراحة الأسنان من سنة بيضاء، وأظن أنه لن يتأتى ذلك إلا من خلال الجلوس معهم والإنصات إليهم والاستماع إلى معاناتهم والعمل على تلبية مطالبهم، كما أعتبر أن كل هذا ممكن إذا توفرت لديكم الإرادة اللازمة لتجاوز هذا الاحتقان الذي ستكون له عواقب وخيمة على طلبتنا أبنائنا وعلى بلدنا. و في هذا الاتجاه أدعوكم السيد رئيس الحكومة المحترم، إلى القيام بشكل مستعجل، لأن السنة الجامعية اقتربت من نهايتها، بكل ما من شأنه أن ينهي هذا التوتر ويطمئن طلبتنا ويرجعهم إلى مدرجات وأقسام الكليات لاستكمال سنتهم الدراسية، مع العمل على دعم الجامعة العمومية واعتبارها ذات أولوية والحد من تفريخ الجامعات الخاصة وإخضاع تلك المتواجدة للمراقبة البيداغوجية الصارمة لما فيه خير طلبتنا وبلدنا العزيز.