قررت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط يوم الجمعة متابعة 28 من الطلبة والأطباء الداخليين في حالة سراح، بعد احتجاجات أطباء المستقبل أمام المستشفى الجامعي ابن سينا، تنديداً بتدخل السلطات لفض اعتصامهم في الرباط.
وأدانت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب بشدة هذا التدخل الأمني العنيف، محملة الحكومة المسؤولية الكاملة في تعنيف الطلبة واعتقال 15 منهم خلال الاعتصام الذي نُظم أمام كلية الطب بالرباط. كما طالبت اللجنة باعتذار رسمي لما وصفته بـ “الاعتداء الوحشي”، مطالبة بالإفراج الفوري عن كافة الموقوفين، مؤكدة أن هذا التصعيد لا يزيد الوضع إلا احتقاناً.
واعتبرت اللجنة أن الحكومة تنتهج سياسة قمعية تهدف إلى تكميم الأفواه والاعتداء على كرامة الطلبة وعائلاتهم، في خرق واضح للدستور. وأضافت أن هذه المقاربة لن تؤدي إلا إلى تأجيج الغضب وتعميق الأزمة دون التوصل إلى حلول ناجعة.
وفي هذا السياق، صرح الدكتور الطاهر موحوش، عضو المكتب السياسي لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، بأن الحكومة تواصل تجاهلها لمشكلة تكوين وتأطير طلبة الطب، التي تفاقمت على مر السنوات بسبب السياسات السابقة التي لم تجد لها حلولاً. وأوضح أن طلبة الطب يعانون من نقص حاد في الموارد البشرية وأماكن التدريب، وهو ما يؤثر سلباً على مستوى تكوينهم وتأهيلهم المهني.
وأشار الدكتور موحوش إلى أن الحكومة تسعى لتقليص مدة التكوين من سبع سنوات إلى ست سنوات، في خطوة وصفها بأنها غير كافية لتأهيل أطباء المستقبل، محذراً من أن هذه القرارات قد تكون محاولة لإرضاء منظمات دولية على حساب جودة التكوين الطبي.
وأكد موحوش أن المغرب يمكنه الاستفادة من هجرة الأطباء، مشيراً إلى أن هؤلاء الأطباء يمكنهم العودة لاحقاً إلى بلدهم للمساهمة في تنميته بعد اكتسابهم الخبرات من دول المهجر، مستشهداً بتجارب دول مثل الهند والفلبين التي نجحت في تصدير أطرها الصحية.
كما انتقد موحوش الأجور المتدنية التي يتلقاها الأطباء وطلبة الطب، معتبراً أن ذلك يشكل انتهاكاً لكرامتهم المهنية. وندد بالمقاربة الأمنية التي تعتمدها الحكومة في التعامل مع احتجاجات الطلبة، مؤكداً أن حق الاحتجاج السلمي مكفول دستورياً، وأنه لا يمكن للسلطات منع الطلبة من التعبير عن مطالبهم المشروعة.
وختم موحوش بدعوته الحكومة إلى فتح حوار جاد مع طلبة الطب والاستجابة لمطالبهم المشروعة، مشدداً على ضرورة الحفاظ على جودة التكوين الطبي وعدم التضحية بمستقبل الأطباء بسبب ضغوطات خارجية.