انتقدت عدد من الفعاليات الحقوقية، سعي الحكومة إلى تجريد وحرمان المجتمع المجتمع المدني من أية إمكانية أو وسيلة لمكافحة الفساد، ضدا في الدستور ودور المجتمع المدني في مكافحة الفساد الذي تضمنه اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الفساد، وذلك على خلفية مصادقة مجلس الحكومة يوم الخميس على مشروع قانون المسطرة الجنائية.
وفي هذا السياق، يقول البدالي صافي الدين، عضو المكتب السياسي لحزب فيديرالية اليسار الديمقراطي، “كما هو معلوم صادقت الحكومة المغربية في مجلسها يوم الخميس 29 أغسطس 2024 على مشروع المسطرة الجنائية و الذي ينص في المادة الثالثة على ” لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية أو المتفشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك” مما يرمي إلى منع جمعيات المجتمع المدني و جمعيات مكافحة الفساد من تقديم شكايات ضد المفسدين و ناهبي المال العام ، أي تكميم الأفواه التي تتصدي للفساد و نهب المال العام و الرشوة و الإفلات من العقاب . و يأتي هذا الإجراء الحكومي تنفيذا لتهديدات وهبي ،وزير العدل ، منذ أن توليه مهام وزارة العدل في حكومة أخنوش لجمعيات حماية المال العام ، مدعيا أن ليس لها الحق أن تتقدم إلى الوكيل العام بشكايات تتعلق بالفساد المالي ، لأن ذلك موكول إلى الدولة . و لأن المستشارين ضاقوا من عمل هذه الجمعيات مما سيؤثر على العملية الانتخابية مستقبلا”.
ويضيف عضو المكتب السياسي لحزب الرسالة في تصريح لـ”موقع حزب فيديرالية اليسار الديمقراطي”:
إن ما أقدمت عليه الحكومة فإنه : أولا يتناقض مع دستور 2011، الذي ينص في مواده 12، 13، 14 و 15 على دور المجتمع المدني في تخليق الحياة العامة وحق المواطنين و المواطنات في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية. و يعتبر هذا الإجراء بمثابة انقلاب على الشرعية الدستورية .
ثانيا : يتناقض و الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد و التي صادق عليها المغرب سنة 2007 و هي الاتفاقية الأممية التي أقرتها الامم المتحدة سنة 2003 و تضم 187 دولة منها المغرب . و ينص الجزء الأول على الوقاية ، يعني “كل التشريعات والإجراءات التي يجب على كل دولة العمل عليها لإرساء الشفافية والرقابة والضوابط بشكل يصعّب على الفاسدين ممارسة عمليات الفساد”.
وأضاف البدالي صافي الدين، أنه “يأتي الجزء الثاني وهو “التجريم وإنفاذ القانون ، ويعني تحديد أهمّ جرائم الفساد، من رشوة، واختلاس، وصرف النفوذ، واستغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع، وغيرها من الجرائم وضرورة تحديد عقوبات رادعة لها، وايجاد الآليات التي تساعد على ملاحقة مرتكبيها أمام القضاء بشكل فعال دون عقبات مثل الحصانات والسرية المصرفية وغيره””، متابعا “فالحكومة المغربية اتخذت هذا الإجراء ضدا على الدستور و على القوانين الدولية و هو ما يطرح التساؤل التالي: لماذا تعديل المسطرة الجنائية في هذا الظرف ؟ إنه بعد أن أصبح عدد البرلمانيين و المستشارين الجماعيين المتابعين في قضايا الفساد و نهب المال العام و الرشوة و التزوير يشكل نسبة مقلقة لدى الراي العام الوطني و الدولي، لجأت الحكومة إلى إجراء وقائي من تدخل جمعيات حماية المال العام للحد من المتابعات، خاصة و أن أغلب المتابعين هم من الأغلبية الحكومية”.
وفي ذات السياق، يتساءل المتحدث، “لماذا محاربة جمعيات المجتمع المدني التي تتصدى لمظاهر الفساد و نهب المال العام و الرشوة و الإفلات من العقاب بدل محاربة الفساد؟ لأن جل أعضاء الحكومة و الأغلية ظلوا يراكمون الثروات و الإثراء غير المشروع من بوابة الفساد و نهب المال العام و الرشوة و التهرب الضريبي و من الريع و من و تهريب الأموال و كذلك لحماية المفسدين و لصوص المال في البلاد”.