إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
1 – إن علاقتنا على المستوى العربي و المغاربي كفضاء جغرافي وتاريخي وثقافي مشترك تندرج ضمن رئيتنا لعلاقاتنا الدولية والأممية والتي تنطلق – من كوننا كيساريين ديمقراطيين- من صراعنا مع كل القوى الرجعية بكل أصنافها (الأمبريالية – القوى المحافظة – القوى الأصولية) ننشد بناء مجتمع اشتراكي بديل، مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الشاملة، والحرية والعدالة والمساواة، يقوم على ضمان حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى احترام الاختلاف وقبول التعدد وعلى حرية الاعتقاد والعقيدة وعلى التعايش والتسامح، وعلى نبذ كل نزعات التطرف والتعصب والانغلاق.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
1 – إن علاقتنا على المستوى العربي و المغاربي كفضاء جغرافي وتاريخي وثقافي مشترك تندرج ضمن رئيتنا لعلاقاتنا الدولية والأممية والتي تنطلق – من كوننا كيساريين ديمقراطيين- من صراعنا مع كل القوى الرجعية بكل أصنافها (الأمبريالية – القوى المحافظة – القوى الأصولية) ننشد بناء مجتمع اشتراكي بديل، مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الشاملة، والحرية والعدالة والمساواة، يقوم على ضمان حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى احترام الاختلاف وقبول التعدد وعلى حرية الاعتقاد والعقيدة وعلى التعايش والتسامح، وعلى نبذ كل نزعات التطرف والتعصب والانغلاق.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
إن العلمانية بمحتواها العلمي والمعرفي والقيمي نظام سياسي وثقافي شامل يقوم على الفصل بين الدين والدولة وهي لا علاقة لها بالكفر أو الإيمان كما يزعم أعداء الحرية والديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل هي تضمن حرية التدين لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن معتقداتهم ومذاهبهم وهي ترسي دعائم مناخ مجتمعي منفتح و متطور و متسامح. وهكذا ساهمت العلمانية في تطور المجتمعات و في تجنيب الحروب الدينية والمذهبية وعمقت فكرة التعايش والسلام الأهلي ومنحت الأقليات الدينية كامل حقوقها في ممارسة عباداتها.
إن العلمانية هي حصيلة تحولات اجتماعية وثقافية ودينية عميقة ومتتالية شهدتها أوربا منذ عصر النهضة والإصلاح الديني مرورا بالحروب الدينية و بعصر الأنوار والثورة الفرنسية وما تلى ذلك من صراعات اجتماعية و سياسية قوية. وفيما يخص مجتمعنا بسياقاته التاريخية المتميزة، وانطلاقا من وعينا وإدراكنا العميق لشروط المرحلة التاريخية المتمثلة في هيمنة الدولة المخزنية بحمولتها المحافظة والاستبدادية على كل الحقول و المجالات السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية وما مثله ذلك من عوائق تاريخية أمام التقدم والإصلاح والتنوير و ما أدى إليه بالتالي من إنتاج و إعادة إنتاج للجهل والأمية والفقر والتخلف والماضوية والمحافظة، واستحضارا منا أيضا بأن المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز والمتمثلة في الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية هي معركة لن تكون بالعسيرة و سيوظف فيها خصومنا التاريخيين سواء الأصولية المخزنية أو الأصولية الإسلاموية جميع الأوراق الممكنة و سيلجئون إلى كل أشكال التدليس و التضليل. و تأسيسا على كل ما سبق، فإننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي ننشد إقامة الدولة المدنية كنقيض للدولة العسكرية و للدولة الدينية بما تعنيه من فصل للدين عن السياسة و من ضمان لحرية المعتقد، و من مساواة شاملة بين المرأة و الرجل، و من إلتزام كامل بمضامين حقوق الإنسان الكونية الفردية منها و الجماعية مما سيوفر شروط المواطنة الكاملة.
إن صيرورة النضال من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية لا يمكن أن تنفصل عن مهمة الإصلاح الديني حيث أن مجتمعنا المغربي مازالت تهيمن عليه الثقافة التقليدية والتأويلات الدينية المحافظة، مما يطرح علينا مسؤولية العمل مع المثقفين التقدميين و مع الفقهاء المتنورين لإنجاز مهمة الإصلاح والتجديد الديني والقيام بكل التأويلات التي من شأنها أن تمفصل ما هو إيجابي ومستنير في تاريخنا الإسلامي مع القيم الكونية للديمقراطية و الحداثة و حقوق الإنسان.
إن الدولة المدنية بهذا المعنى نأمل أن تحقق قدرا مهما من الفصل بين الفضاء العام والفضاء الخاص ولكننا و نظرا للشروط التاريخية المجتمعية التي تمر منها بلادنا، فإن الدولة المدنية ستحافظ على حضور معين للدين الإسلامي بتأويلاته المستنيرة في الفضاء العام في جوانب محددة و على وجه الحصر.
1 – إن علاقتنا على المستوى العربي و المغاربي كفضاء جغرافي وتاريخي وثقافي مشترك تندرج ضمن رئيتنا لعلاقاتنا الدولية والأممية والتي تنطلق – من كوننا كيساريين ديمقراطيين- من صراعنا مع كل القوى الرجعية بكل أصنافها (الأمبريالية – القوى المحافظة – القوى الأصولية) ننشد بناء مجتمع اشتراكي بديل، مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الشاملة، والحرية والعدالة والمساواة، يقوم على ضمان حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى احترام الاختلاف وقبول التعدد وعلى حرية الاعتقاد والعقيدة وعلى التعايش والتسامح، وعلى نبذ كل نزعات التطرف والتعصب والانغلاق.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
لقد تمكنت الاشتراكية خلال أواسط القرن التاسع عشر من خلال إنتاجات وإبداعات مفكريها الأساسين ماركس وأنجلز من تجاوز التصورات الطوباوية آنذاك، وذلك من خلال استنادها على التطور الحاصل كميا وكيفيا في مختلف حقول العلم و المعرفة (الاقتصاد – علم الأحياء – علم الوراثة و التطور… إلخ) و أيضا من خلال ارتباطها و تعبيرها عن الصراع الطبقي المتنامي التي كانت تعرفه المجتمعات الرأسمالية (انجلترا – فرنسا – ألمانيا… إلخ) بين الطبقة الرأسمالية الجامحة للمزيد من الربح و الإنتاجية وتشييء وتبضيع قوة العمل، وبين الطبقة العاملة الرافضة للاستغلال والاضطهاد، والطامحة لبناء مجتمع يتحكم في قوى ووسائل الإنتاج ويسخرها لخدمة الإنسان. و منذ ذلك التاريخ لم تتوقف الاشتراكية عن التطور و النهل من مختلف التجارب الثورية و التحررية وفي الاغتناء بمساهمات مفكرين كبار في مختلف الحقول المعرفية (علم السياسة – الفلسفة – السوسلوجيا – الاقتصاد – التاريخ… إلخ) إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي إذ نؤكد انتمائنا لهذا الرصيد الاشتراكي الغني بكل اجتهاداته، فإننا نتشبت أيضا بتجاوز كل النزعات الذغمائية و النصية و الاقتصادوية والجمود العقائدي ومع الحرص على إعمال العقل النقذي في التعاطي مع مختلف الاجتهادات النظرية و أيضا مع نماذج الاشتراكية المطبقة، كما أننا واعون بالتطورات التي حصلت على نمط الإنتاج و بالتحولات التي همت البنية الإنتاجية وبالتالي التشكلة الاجتماعية سواء في المركز الرأسمالي أو في الدول التابعة مما أدى إلى ظهور فاعلين اجتماعيين جدد ليتحدد فعلهم فقط بالعلاقة مع العمل و لكن أيضا بالارتباط بقضايا اجتماعية وثقافية متعددة : (النوع – البيئة – السلم – الجنس – الاستهلاك – القدرة الشرائية – العولمة المتوحشة … إلخ). و أصبح هؤلاء الفاعلون الاجتماعيون الجدد إلى جانب الحركة العمالية يلعبون أدوارا مهمة في الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي، ويشكلون مجتمعا مدنيا نشيطا و مؤثرا لتطوير الديمقراطية ولحماية الحقوق الأساسية للمواطن.
و من هذا المنطلق، فإننا نعتبر أن الفكر الاشتراكي وحتى يكون قادرا على الحياة والتطور والتعبير عن مصالح طبقات وفئات اجتماعية شعبية واسعة لابد له أن يعمل على احتواء القيم الديمقراطية الكونية بما يعنيه ذلك من ثقافة عصر الأنوار ومن فكر وقيم الثورة الفرنسية وكذا تمثل منظومة حقوق الإنسان بأبعادها الشاملة و بأجيالها الأربعة. و أيضا الدفع بالديمقراطية إلى مداها الأبعد و جعلها تتعمق و تتجدر لتجاوز الديمقراطية التمثيلية لتأسيس الديمقراطية (التداولية والديمقراطية المباشرة) التي تمكن المواطن من التداول في القضايا المجتمعية ومن المساهمة والمشاركة المباشرة في صناعة القرارات السياسية.
وبهذا المعنى، فإن الفكر الاشتراكي هو احتواء وتعميق وتجدير للديمقراطية ولكنه يتجاوز كل ذلك حين يطمح لبناء مجتمع اشتراكي يقوم على الملكية العمومية لوسائل الإنتاج بكل أشكالها وتنتفي فيه كل أشكال الاستغلال و الاستلاب.
إن العلمانية بمحتواها العلمي والمعرفي والقيمي نظام سياسي وثقافي شامل يقوم على الفصل بين الدين والدولة وهي لا علاقة لها بالكفر أو الإيمان كما يزعم أعداء الحرية والديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل هي تضمن حرية التدين لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن معتقداتهم ومذاهبهم وهي ترسي دعائم مناخ مجتمعي منفتح و متطور و متسامح. وهكذا ساهمت العلمانية في تطور المجتمعات و في تجنيب الحروب الدينية والمذهبية وعمقت فكرة التعايش والسلام الأهلي ومنحت الأقليات الدينية كامل حقوقها في ممارسة عباداتها.
إن العلمانية هي حصيلة تحولات اجتماعية وثقافية ودينية عميقة ومتتالية شهدتها أوربا منذ عصر النهضة والإصلاح الديني مرورا بالحروب الدينية و بعصر الأنوار والثورة الفرنسية وما تلى ذلك من صراعات اجتماعية و سياسية قوية. وفيما يخص مجتمعنا بسياقاته التاريخية المتميزة، وانطلاقا من وعينا وإدراكنا العميق لشروط المرحلة التاريخية المتمثلة في هيمنة الدولة المخزنية بحمولتها المحافظة والاستبدادية على كل الحقول و المجالات السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية وما مثله ذلك من عوائق تاريخية أمام التقدم والإصلاح والتنوير و ما أدى إليه بالتالي من إنتاج و إعادة إنتاج للجهل والأمية والفقر والتخلف والماضوية والمحافظة، واستحضارا منا أيضا بأن المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز والمتمثلة في الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية هي معركة لن تكون بالعسيرة و سيوظف فيها خصومنا التاريخيين سواء الأصولية المخزنية أو الأصولية الإسلاموية جميع الأوراق الممكنة و سيلجئون إلى كل أشكال التدليس و التضليل. و تأسيسا على كل ما سبق، فإننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي ننشد إقامة الدولة المدنية كنقيض للدولة العسكرية و للدولة الدينية بما تعنيه من فصل للدين عن السياسة و من ضمان لحرية المعتقد، و من مساواة شاملة بين المرأة و الرجل، و من إلتزام كامل بمضامين حقوق الإنسان الكونية الفردية منها و الجماعية مما سيوفر شروط المواطنة الكاملة.
إن صيرورة النضال من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية لا يمكن أن تنفصل عن مهمة الإصلاح الديني حيث أن مجتمعنا المغربي مازالت تهيمن عليه الثقافة التقليدية والتأويلات الدينية المحافظة، مما يطرح علينا مسؤولية العمل مع المثقفين التقدميين و مع الفقهاء المتنورين لإنجاز مهمة الإصلاح والتجديد الديني والقيام بكل التأويلات التي من شأنها أن تمفصل ما هو إيجابي ومستنير في تاريخنا الإسلامي مع القيم الكونية للديمقراطية و الحداثة و حقوق الإنسان.
إن الدولة المدنية بهذا المعنى نأمل أن تحقق قدرا مهما من الفصل بين الفضاء العام والفضاء الخاص ولكننا و نظرا للشروط التاريخية المجتمعية التي تمر منها بلادنا، فإن الدولة المدنية ستحافظ على حضور معين للدين الإسلامي بتأويلاته المستنيرة في الفضاء العام في جوانب محددة و على وجه الحصر.
1 – إن علاقتنا على المستوى العربي و المغاربي كفضاء جغرافي وتاريخي وثقافي مشترك تندرج ضمن رئيتنا لعلاقاتنا الدولية والأممية والتي تنطلق – من كوننا كيساريين ديمقراطيين- من صراعنا مع كل القوى الرجعية بكل أصنافها (الأمبريالية – القوى المحافظة – القوى الأصولية) ننشد بناء مجتمع اشتراكي بديل، مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الشاملة، والحرية والعدالة والمساواة، يقوم على ضمان حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى احترام الاختلاف وقبول التعدد وعلى حرية الاعتقاد والعقيدة وعلى التعايش والتسامح، وعلى نبذ كل نزعات التطرف والتعصب والانغلاق.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
إن فيدرالية اليسار الديمقراطي تستند إلى إطار مرجعي مستمد من أدبيات الاشتراكية ورصيد الحركة التقدمية والمواثيق الدولية للديمقراطية وحقوق الإنسان بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والهوية بهذا المعنى هي هوية منفتحة تتمفصل داخلها بشكل جدلي المهمة المرحلية المتمثلة في بناء الدولة الديمقراطية الحداثية مع أفقنا الاستراتيجي الطامح إلى بناء مجتمع اشتراكي بديل. وهي بذلك تطمح إلى بلورة تشخيص لطبيعة المرحلة التي تمر بها بلادنا وملابساتها، تشخيص قادر على توضيح الرؤية الإستراتيجية للمناضلين والجماهير، ورصد إمكانيات التطور وآفاق النضال الديمقراطي بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية في أفق إقرار الملكية البرلمانية بالقواعد والأسس المتعارف عليها دوليا كنظام حكم يكرس سلطة الشعب قانونا وممارسة. ولا شك أن التحليل الموضوعي لطبيعة الوضعية السياسية في ارتباط بالمحيط الدولي والعربي و المغاربي هو أساس لقراءة الواقع المتحرك باستمرار ويجعلنا نستحضر السياق العام الذي يؤثر حتما في التطور التاريخي لبلادنا وسنبرز هاته الهوية من خلال تحديد و تحليل المفاهيم الرئيسية التالية :
لقد تمكنت الاشتراكية خلال أواسط القرن التاسع عشر من خلال إنتاجات وإبداعات مفكريها الأساسين ماركس وأنجلز من تجاوز التصورات الطوباوية آنذاك، وذلك من خلال استنادها على التطور الحاصل كميا وكيفيا في مختلف حقول العلم و المعرفة (الاقتصاد – علم الأحياء – علم الوراثة و التطور… إلخ) و أيضا من خلال ارتباطها و تعبيرها عن الصراع الطبقي المتنامي التي كانت تعرفه المجتمعات الرأسمالية (انجلترا – فرنسا – ألمانيا… إلخ) بين الطبقة الرأسمالية الجامحة للمزيد من الربح و الإنتاجية وتشييء وتبضيع قوة العمل، وبين الطبقة العاملة الرافضة للاستغلال والاضطهاد، والطامحة لبناء مجتمع يتحكم في قوى ووسائل الإنتاج ويسخرها لخدمة الإنسان. و منذ ذلك التاريخ لم تتوقف الاشتراكية عن التطور و النهل من مختلف التجارب الثورية و التحررية وفي الاغتناء بمساهمات مفكرين كبار في مختلف الحقول المعرفية (علم السياسة – الفلسفة – السوسلوجيا – الاقتصاد – التاريخ… إلخ) إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي إذ نؤكد انتمائنا لهذا الرصيد الاشتراكي الغني بكل اجتهاداته، فإننا نتشبت أيضا بتجاوز كل النزعات الذغمائية و النصية و الاقتصادوية والجمود العقائدي ومع الحرص على إعمال العقل النقذي في التعاطي مع مختلف الاجتهادات النظرية و أيضا مع نماذج الاشتراكية المطبقة، كما أننا واعون بالتطورات التي حصلت على نمط الإنتاج و بالتحولات التي همت البنية الإنتاجية وبالتالي التشكلة الاجتماعية سواء في المركز الرأسمالي أو في الدول التابعة مما أدى إلى ظهور فاعلين اجتماعيين جدد ليتحدد فعلهم فقط بالعلاقة مع العمل و لكن أيضا بالارتباط بقضايا اجتماعية وثقافية متعددة : (النوع – البيئة – السلم – الجنس – الاستهلاك – القدرة الشرائية – العولمة المتوحشة … إلخ). و أصبح هؤلاء الفاعلون الاجتماعيون الجدد إلى جانب الحركة العمالية يلعبون أدوارا مهمة في الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي، ويشكلون مجتمعا مدنيا نشيطا و مؤثرا لتطوير الديمقراطية ولحماية الحقوق الأساسية للمواطن.
و من هذا المنطلق، فإننا نعتبر أن الفكر الاشتراكي وحتى يكون قادرا على الحياة والتطور والتعبير عن مصالح طبقات وفئات اجتماعية شعبية واسعة لابد له أن يعمل على احتواء القيم الديمقراطية الكونية بما يعنيه ذلك من ثقافة عصر الأنوار ومن فكر وقيم الثورة الفرنسية وكذا تمثل منظومة حقوق الإنسان بأبعادها الشاملة و بأجيالها الأربعة. و أيضا الدفع بالديمقراطية إلى مداها الأبعد و جعلها تتعمق و تتجدر لتجاوز الديمقراطية التمثيلية لتأسيس الديمقراطية (التداولية والديمقراطية المباشرة) التي تمكن المواطن من التداول في القضايا المجتمعية ومن المساهمة والمشاركة المباشرة في صناعة القرارات السياسية.
وبهذا المعنى، فإن الفكر الاشتراكي هو احتواء وتعميق وتجدير للديمقراطية ولكنه يتجاوز كل ذلك حين يطمح لبناء مجتمع اشتراكي يقوم على الملكية العمومية لوسائل الإنتاج بكل أشكالها وتنتفي فيه كل أشكال الاستغلال و الاستلاب.
إن العلمانية بمحتواها العلمي والمعرفي والقيمي نظام سياسي وثقافي شامل يقوم على الفصل بين الدين والدولة وهي لا علاقة لها بالكفر أو الإيمان كما يزعم أعداء الحرية والديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل هي تضمن حرية التدين لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن معتقداتهم ومذاهبهم وهي ترسي دعائم مناخ مجتمعي منفتح و متطور و متسامح. وهكذا ساهمت العلمانية في تطور المجتمعات و في تجنيب الحروب الدينية والمذهبية وعمقت فكرة التعايش والسلام الأهلي ومنحت الأقليات الدينية كامل حقوقها في ممارسة عباداتها.
إن العلمانية هي حصيلة تحولات اجتماعية وثقافية ودينية عميقة ومتتالية شهدتها أوربا منذ عصر النهضة والإصلاح الديني مرورا بالحروب الدينية و بعصر الأنوار والثورة الفرنسية وما تلى ذلك من صراعات اجتماعية و سياسية قوية. وفيما يخص مجتمعنا بسياقاته التاريخية المتميزة، وانطلاقا من وعينا وإدراكنا العميق لشروط المرحلة التاريخية المتمثلة في هيمنة الدولة المخزنية بحمولتها المحافظة والاستبدادية على كل الحقول و المجالات السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية وما مثله ذلك من عوائق تاريخية أمام التقدم والإصلاح والتنوير و ما أدى إليه بالتالي من إنتاج و إعادة إنتاج للجهل والأمية والفقر والتخلف والماضوية والمحافظة، واستحضارا منا أيضا بأن المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز والمتمثلة في الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية هي معركة لن تكون بالعسيرة و سيوظف فيها خصومنا التاريخيين سواء الأصولية المخزنية أو الأصولية الإسلاموية جميع الأوراق الممكنة و سيلجئون إلى كل أشكال التدليس و التضليل. و تأسيسا على كل ما سبق، فإننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي ننشد إقامة الدولة المدنية كنقيض للدولة العسكرية و للدولة الدينية بما تعنيه من فصل للدين عن السياسة و من ضمان لحرية المعتقد، و من مساواة شاملة بين المرأة و الرجل، و من إلتزام كامل بمضامين حقوق الإنسان الكونية الفردية منها و الجماعية مما سيوفر شروط المواطنة الكاملة.
إن صيرورة النضال من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية لا يمكن أن تنفصل عن مهمة الإصلاح الديني حيث أن مجتمعنا المغربي مازالت تهيمن عليه الثقافة التقليدية والتأويلات الدينية المحافظة، مما يطرح علينا مسؤولية العمل مع المثقفين التقدميين و مع الفقهاء المتنورين لإنجاز مهمة الإصلاح والتجديد الديني والقيام بكل التأويلات التي من شأنها أن تمفصل ما هو إيجابي ومستنير في تاريخنا الإسلامي مع القيم الكونية للديمقراطية و الحداثة و حقوق الإنسان.
إن الدولة المدنية بهذا المعنى نأمل أن تحقق قدرا مهما من الفصل بين الفضاء العام والفضاء الخاص ولكننا و نظرا للشروط التاريخية المجتمعية التي تمر منها بلادنا، فإن الدولة المدنية ستحافظ على حضور معين للدين الإسلامي بتأويلاته المستنيرة في الفضاء العام في جوانب محددة و على وجه الحصر.
1 – إن علاقتنا على المستوى العربي و المغاربي كفضاء جغرافي وتاريخي وثقافي مشترك تندرج ضمن رئيتنا لعلاقاتنا الدولية والأممية والتي تنطلق – من كوننا كيساريين ديمقراطيين- من صراعنا مع كل القوى الرجعية بكل أصنافها (الأمبريالية – القوى المحافظة – القوى الأصولية) ننشد بناء مجتمع اشتراكي بديل، مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الشاملة، والحرية والعدالة والمساواة، يقوم على ضمان حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى احترام الاختلاف وقبول التعدد وعلى حرية الاعتقاد والعقيدة وعلى التعايش والتسامح، وعلى نبذ كل نزعات التطرف والتعصب والانغلاق.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
في سياق كفاحها من أجل تحقيق مشروعها المجتمعي، مجتمع الحرية والديمقراطية والاشتراكية، وفي إطار الظرفية السياسية التي يعيشها المجتمع المغربي والمتسمة بتراجعات كبرى على جميع المستويات، ومن أجل خلق إطار ديمقراطي مركزي وفاعل، قرر حزب الطليعة الديمقراطي الشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي ومكون اليسار الوحدوي ورفاق البديل التقدمي وفعاليات يسارية، توحيد جهودهم داخل تنظيم واحد كمشروع سياسي يجسد المجهودات المبذولة منذ سنوات لتحقيق قفزة نوعية في مسار النضال والمؤطر بالقيم والمبادئ التي سقط من أجلها شهداء شعبنا البررة.
إن فيدرالية اليسار الديمقراطي تستند إلى إطار مرجعي مستمد من أدبيات الاشتراكية ورصيد الحركة التقدمية والمواثيق الدولية للديمقراطية وحقوق الإنسان بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والهوية بهذا المعنى هي هوية منفتحة تتمفصل داخلها بشكل جدلي المهمة المرحلية المتمثلة في بناء الدولة الديمقراطية الحداثية مع أفقنا الاستراتيجي الطامح إلى بناء مجتمع اشتراكي بديل. وهي بذلك تطمح إلى بلورة تشخيص لطبيعة المرحلة التي تمر بها بلادنا وملابساتها، تشخيص قادر على توضيح الرؤية الإستراتيجية للمناضلين والجماهير، ورصد إمكانيات التطور وآفاق النضال الديمقراطي بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية في أفق إقرار الملكية البرلمانية بالقواعد والأسس المتعارف عليها دوليا كنظام حكم يكرس سلطة الشعب قانونا وممارسة. ولا شك أن التحليل الموضوعي لطبيعة الوضعية السياسية في ارتباط بالمحيط الدولي والعربي و المغاربي هو أساس لقراءة الواقع المتحرك باستمرار ويجعلنا نستحضر السياق العام الذي يؤثر حتما في التطور التاريخي لبلادنا وسنبرز هاته الهوية من خلال تحديد و تحليل المفاهيم الرئيسية التالية :
لقد تمكنت الاشتراكية خلال أواسط القرن التاسع عشر من خلال إنتاجات وإبداعات مفكريها الأساسين ماركس وأنجلز من تجاوز التصورات الطوباوية آنذاك، وذلك من خلال استنادها على التطور الحاصل كميا وكيفيا في مختلف حقول العلم و المعرفة (الاقتصاد – علم الأحياء – علم الوراثة و التطور… إلخ) و أيضا من خلال ارتباطها و تعبيرها عن الصراع الطبقي المتنامي التي كانت تعرفه المجتمعات الرأسمالية (انجلترا – فرنسا – ألمانيا… إلخ) بين الطبقة الرأسمالية الجامحة للمزيد من الربح و الإنتاجية وتشييء وتبضيع قوة العمل، وبين الطبقة العاملة الرافضة للاستغلال والاضطهاد، والطامحة لبناء مجتمع يتحكم في قوى ووسائل الإنتاج ويسخرها لخدمة الإنسان. و منذ ذلك التاريخ لم تتوقف الاشتراكية عن التطور و النهل من مختلف التجارب الثورية و التحررية وفي الاغتناء بمساهمات مفكرين كبار في مختلف الحقول المعرفية (علم السياسة – الفلسفة – السوسلوجيا – الاقتصاد – التاريخ… إلخ) إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي إذ نؤكد انتمائنا لهذا الرصيد الاشتراكي الغني بكل اجتهاداته، فإننا نتشبت أيضا بتجاوز كل النزعات الذغمائية و النصية و الاقتصادوية والجمود العقائدي ومع الحرص على إعمال العقل النقذي في التعاطي مع مختلف الاجتهادات النظرية و أيضا مع نماذج الاشتراكية المطبقة، كما أننا واعون بالتطورات التي حصلت على نمط الإنتاج و بالتحولات التي همت البنية الإنتاجية وبالتالي التشكلة الاجتماعية سواء في المركز الرأسمالي أو في الدول التابعة مما أدى إلى ظهور فاعلين اجتماعيين جدد ليتحدد فعلهم فقط بالعلاقة مع العمل و لكن أيضا بالارتباط بقضايا اجتماعية وثقافية متعددة : (النوع – البيئة – السلم – الجنس – الاستهلاك – القدرة الشرائية – العولمة المتوحشة … إلخ). و أصبح هؤلاء الفاعلون الاجتماعيون الجدد إلى جانب الحركة العمالية يلعبون أدوارا مهمة في الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي، ويشكلون مجتمعا مدنيا نشيطا و مؤثرا لتطوير الديمقراطية ولحماية الحقوق الأساسية للمواطن.
و من هذا المنطلق، فإننا نعتبر أن الفكر الاشتراكي وحتى يكون قادرا على الحياة والتطور والتعبير عن مصالح طبقات وفئات اجتماعية شعبية واسعة لابد له أن يعمل على احتواء القيم الديمقراطية الكونية بما يعنيه ذلك من ثقافة عصر الأنوار ومن فكر وقيم الثورة الفرنسية وكذا تمثل منظومة حقوق الإنسان بأبعادها الشاملة و بأجيالها الأربعة. و أيضا الدفع بالديمقراطية إلى مداها الأبعد و جعلها تتعمق و تتجدر لتجاوز الديمقراطية التمثيلية لتأسيس الديمقراطية (التداولية والديمقراطية المباشرة) التي تمكن المواطن من التداول في القضايا المجتمعية ومن المساهمة والمشاركة المباشرة في صناعة القرارات السياسية.
وبهذا المعنى، فإن الفكر الاشتراكي هو احتواء وتعميق وتجدير للديمقراطية ولكنه يتجاوز كل ذلك حين يطمح لبناء مجتمع اشتراكي يقوم على الملكية العمومية لوسائل الإنتاج بكل أشكالها وتنتفي فيه كل أشكال الاستغلال و الاستلاب.
إن العلمانية بمحتواها العلمي والمعرفي والقيمي نظام سياسي وثقافي شامل يقوم على الفصل بين الدين والدولة وهي لا علاقة لها بالكفر أو الإيمان كما يزعم أعداء الحرية والديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل هي تضمن حرية التدين لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن معتقداتهم ومذاهبهم وهي ترسي دعائم مناخ مجتمعي منفتح و متطور و متسامح. وهكذا ساهمت العلمانية في تطور المجتمعات و في تجنيب الحروب الدينية والمذهبية وعمقت فكرة التعايش والسلام الأهلي ومنحت الأقليات الدينية كامل حقوقها في ممارسة عباداتها.
إن العلمانية هي حصيلة تحولات اجتماعية وثقافية ودينية عميقة ومتتالية شهدتها أوربا منذ عصر النهضة والإصلاح الديني مرورا بالحروب الدينية و بعصر الأنوار والثورة الفرنسية وما تلى ذلك من صراعات اجتماعية و سياسية قوية. وفيما يخص مجتمعنا بسياقاته التاريخية المتميزة، وانطلاقا من وعينا وإدراكنا العميق لشروط المرحلة التاريخية المتمثلة في هيمنة الدولة المخزنية بحمولتها المحافظة والاستبدادية على كل الحقول و المجالات السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية وما مثله ذلك من عوائق تاريخية أمام التقدم والإصلاح والتنوير و ما أدى إليه بالتالي من إنتاج و إعادة إنتاج للجهل والأمية والفقر والتخلف والماضوية والمحافظة، واستحضارا منا أيضا بأن المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز والمتمثلة في الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية هي معركة لن تكون بالعسيرة و سيوظف فيها خصومنا التاريخيين سواء الأصولية المخزنية أو الأصولية الإسلاموية جميع الأوراق الممكنة و سيلجئون إلى كل أشكال التدليس و التضليل. و تأسيسا على كل ما سبق، فإننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي ننشد إقامة الدولة المدنية كنقيض للدولة العسكرية و للدولة الدينية بما تعنيه من فصل للدين عن السياسة و من ضمان لحرية المعتقد، و من مساواة شاملة بين المرأة و الرجل، و من إلتزام كامل بمضامين حقوق الإنسان الكونية الفردية منها و الجماعية مما سيوفر شروط المواطنة الكاملة.
إن صيرورة النضال من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية لا يمكن أن تنفصل عن مهمة الإصلاح الديني حيث أن مجتمعنا المغربي مازالت تهيمن عليه الثقافة التقليدية والتأويلات الدينية المحافظة، مما يطرح علينا مسؤولية العمل مع المثقفين التقدميين و مع الفقهاء المتنورين لإنجاز مهمة الإصلاح والتجديد الديني والقيام بكل التأويلات التي من شأنها أن تمفصل ما هو إيجابي ومستنير في تاريخنا الإسلامي مع القيم الكونية للديمقراطية و الحداثة و حقوق الإنسان.
إن الدولة المدنية بهذا المعنى نأمل أن تحقق قدرا مهما من الفصل بين الفضاء العام والفضاء الخاص ولكننا و نظرا للشروط التاريخية المجتمعية التي تمر منها بلادنا، فإن الدولة المدنية ستحافظ على حضور معين للدين الإسلامي بتأويلاته المستنيرة في الفضاء العام في جوانب محددة و على وجه الحصر.
1 – إن علاقتنا على المستوى العربي و المغاربي كفضاء جغرافي وتاريخي وثقافي مشترك تندرج ضمن رئيتنا لعلاقاتنا الدولية والأممية والتي تنطلق – من كوننا كيساريين ديمقراطيين- من صراعنا مع كل القوى الرجعية بكل أصنافها (الأمبريالية – القوى المحافظة – القوى الأصولية) ننشد بناء مجتمع اشتراكي بديل، مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الشاملة، والحرية والعدالة والمساواة، يقوم على ضمان حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى احترام الاختلاف وقبول التعدد وعلى حرية الاعتقاد والعقيدة وعلى التعايش والتسامح، وعلى نبذ كل نزعات التطرف والتعصب والانغلاق.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
في سياق كفاحها من أجل تحقيق مشروعها المجتمعي، مجتمع الحرية والديمقراطية والاشتراكية، وفي إطار الظرفية السياسية التي يعيشها المجتمع المغربي والمتسمة بتراجعات كبرى على جميع المستويات، ومن أجل خلق إطار ديمقراطي مركزي وفاعل، قرر حزب الطليعة الديمقراطي الشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي ومكون اليسار الوحدوي ورفاق البديل التقدمي وفعاليات يسارية، توحيد جهودهم داخل تنظيم واحد كمشروع سياسي يجسد المجهودات المبذولة منذ سنوات لتحقيق قفزة نوعية في مسار النضال والمؤطر بالقيم والمبادئ التي سقط من أجلها شهداء شعبنا البررة.
إن فيدرالية اليسار الديمقراطي تستند إلى إطار مرجعي مستمد من أدبيات الاشتراكية ورصيد الحركة التقدمية والمواثيق الدولية للديمقراطية وحقوق الإنسان بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والهوية بهذا المعنى هي هوية منفتحة تتمفصل داخلها بشكل جدلي المهمة المرحلية المتمثلة في بناء الدولة الديمقراطية الحداثية مع أفقنا الاستراتيجي الطامح إلى بناء مجتمع اشتراكي بديل. وهي بذلك تطمح إلى بلورة تشخيص لطبيعة المرحلة التي تمر بها بلادنا وملابساتها، تشخيص قادر على توضيح الرؤية الإستراتيجية للمناضلين والجماهير، ورصد إمكانيات التطور وآفاق النضال الديمقراطي بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية في أفق إقرار الملكية البرلمانية بالقواعد والأسس المتعارف عليها دوليا كنظام حكم يكرس سلطة الشعب قانونا وممارسة. ولا شك أن التحليل الموضوعي لطبيعة الوضعية السياسية في ارتباط بالمحيط الدولي والعربي و المغاربي هو أساس لقراءة الواقع المتحرك باستمرار ويجعلنا نستحضر السياق العام الذي يؤثر حتما في التطور التاريخي لبلادنا وسنبرز هاته الهوية من خلال تحديد و تحليل المفاهيم الرئيسية التالية :
لقد تمكنت الاشتراكية خلال أواسط القرن التاسع عشر من خلال إنتاجات وإبداعات مفكريها الأساسين ماركس وأنجلز من تجاوز التصورات الطوباوية آنذاك، وذلك من خلال استنادها على التطور الحاصل كميا وكيفيا في مختلف حقول العلم و المعرفة (الاقتصاد – علم الأحياء – علم الوراثة و التطور… إلخ) و أيضا من خلال ارتباطها و تعبيرها عن الصراع الطبقي المتنامي التي كانت تعرفه المجتمعات الرأسمالية (انجلترا – فرنسا – ألمانيا… إلخ) بين الطبقة الرأسمالية الجامحة للمزيد من الربح و الإنتاجية وتشييء وتبضيع قوة العمل، وبين الطبقة العاملة الرافضة للاستغلال والاضطهاد، والطامحة لبناء مجتمع يتحكم في قوى ووسائل الإنتاج ويسخرها لخدمة الإنسان. و منذ ذلك التاريخ لم تتوقف الاشتراكية عن التطور و النهل من مختلف التجارب الثورية و التحررية وفي الاغتناء بمساهمات مفكرين كبار في مختلف الحقول المعرفية (علم السياسة – الفلسفة – السوسلوجيا – الاقتصاد – التاريخ… إلخ) إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي إذ نؤكد انتمائنا لهذا الرصيد الاشتراكي الغني بكل اجتهاداته، فإننا نتشبت أيضا بتجاوز كل النزعات الذغمائية و النصية و الاقتصادوية والجمود العقائدي ومع الحرص على إعمال العقل النقذي في التعاطي مع مختلف الاجتهادات النظرية و أيضا مع نماذج الاشتراكية المطبقة، كما أننا واعون بالتطورات التي حصلت على نمط الإنتاج و بالتحولات التي همت البنية الإنتاجية وبالتالي التشكلة الاجتماعية سواء في المركز الرأسمالي أو في الدول التابعة مما أدى إلى ظهور فاعلين اجتماعيين جدد ليتحدد فعلهم فقط بالعلاقة مع العمل و لكن أيضا بالارتباط بقضايا اجتماعية وثقافية متعددة : (النوع – البيئة – السلم – الجنس – الاستهلاك – القدرة الشرائية – العولمة المتوحشة … إلخ). و أصبح هؤلاء الفاعلون الاجتماعيون الجدد إلى جانب الحركة العمالية يلعبون أدوارا مهمة في الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي، ويشكلون مجتمعا مدنيا نشيطا و مؤثرا لتطوير الديمقراطية ولحماية الحقوق الأساسية للمواطن.
و من هذا المنطلق، فإننا نعتبر أن الفكر الاشتراكي وحتى يكون قادرا على الحياة والتطور والتعبير عن مصالح طبقات وفئات اجتماعية شعبية واسعة لابد له أن يعمل على احتواء القيم الديمقراطية الكونية بما يعنيه ذلك من ثقافة عصر الأنوار ومن فكر وقيم الثورة الفرنسية وكذا تمثل منظومة حقوق الإنسان بأبعادها الشاملة و بأجيالها الأربعة. و أيضا الدفع بالديمقراطية إلى مداها الأبعد و جعلها تتعمق و تتجدر لتجاوز الديمقراطية التمثيلية لتأسيس الديمقراطية (التداولية والديمقراطية المباشرة) التي تمكن المواطن من التداول في القضايا المجتمعية ومن المساهمة والمشاركة المباشرة في صناعة القرارات السياسية.
وبهذا المعنى، فإن الفكر الاشتراكي هو احتواء وتعميق وتجدير للديمقراطية ولكنه يتجاوز كل ذلك حين يطمح لبناء مجتمع اشتراكي يقوم على الملكية العمومية لوسائل الإنتاج بكل أشكالها وتنتفي فيه كل أشكال الاستغلال و الاستلاب.
إن العلمانية بمحتواها العلمي والمعرفي والقيمي نظام سياسي وثقافي شامل يقوم على الفصل بين الدين والدولة وهي لا علاقة لها بالكفر أو الإيمان كما يزعم أعداء الحرية والديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل هي تضمن حرية التدين لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن معتقداتهم ومذاهبهم وهي ترسي دعائم مناخ مجتمعي منفتح و متطور و متسامح. وهكذا ساهمت العلمانية في تطور المجتمعات و في تجنيب الحروب الدينية والمذهبية وعمقت فكرة التعايش والسلام الأهلي ومنحت الأقليات الدينية كامل حقوقها في ممارسة عباداتها.
إن العلمانية هي حصيلة تحولات اجتماعية وثقافية ودينية عميقة ومتتالية شهدتها أوربا منذ عصر النهضة والإصلاح الديني مرورا بالحروب الدينية و بعصر الأنوار والثورة الفرنسية وما تلى ذلك من صراعات اجتماعية و سياسية قوية. وفيما يخص مجتمعنا بسياقاته التاريخية المتميزة، وانطلاقا من وعينا وإدراكنا العميق لشروط المرحلة التاريخية المتمثلة في هيمنة الدولة المخزنية بحمولتها المحافظة والاستبدادية على كل الحقول و المجالات السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية وما مثله ذلك من عوائق تاريخية أمام التقدم والإصلاح والتنوير و ما أدى إليه بالتالي من إنتاج و إعادة إنتاج للجهل والأمية والفقر والتخلف والماضوية والمحافظة، واستحضارا منا أيضا بأن المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز والمتمثلة في الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية هي معركة لن تكون بالعسيرة و سيوظف فيها خصومنا التاريخيين سواء الأصولية المخزنية أو الأصولية الإسلاموية جميع الأوراق الممكنة و سيلجئون إلى كل أشكال التدليس و التضليل. و تأسيسا على كل ما سبق، فإننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي ننشد إقامة الدولة المدنية كنقيض للدولة العسكرية و للدولة الدينية بما تعنيه من فصل للدين عن السياسة و من ضمان لحرية المعتقد، و من مساواة شاملة بين المرأة و الرجل، و من إلتزام كامل بمضامين حقوق الإنسان الكونية الفردية منها و الجماعية مما سيوفر شروط المواطنة الكاملة.
إن صيرورة النضال من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية لا يمكن أن تنفصل عن مهمة الإصلاح الديني حيث أن مجتمعنا المغربي مازالت تهيمن عليه الثقافة التقليدية والتأويلات الدينية المحافظة، مما يطرح علينا مسؤولية العمل مع المثقفين التقدميين و مع الفقهاء المتنورين لإنجاز مهمة الإصلاح والتجديد الديني والقيام بكل التأويلات التي من شأنها أن تمفصل ما هو إيجابي ومستنير في تاريخنا الإسلامي مع القيم الكونية للديمقراطية و الحداثة و حقوق الإنسان.
إن الدولة المدنية بهذا المعنى نأمل أن تحقق قدرا مهما من الفصل بين الفضاء العام والفضاء الخاص ولكننا و نظرا للشروط التاريخية المجتمعية التي تمر منها بلادنا، فإن الدولة المدنية ستحافظ على حضور معين للدين الإسلامي بتأويلاته المستنيرة في الفضاء العام في جوانب محددة و على وجه الحصر.
1 – إن علاقتنا على المستوى العربي و المغاربي كفضاء جغرافي وتاريخي وثقافي مشترك تندرج ضمن رئيتنا لعلاقاتنا الدولية والأممية والتي تنطلق – من كوننا كيساريين ديمقراطيين- من صراعنا مع كل القوى الرجعية بكل أصنافها (الأمبريالية – القوى المحافظة – القوى الأصولية) ننشد بناء مجتمع اشتراكي بديل، مجتمع تتحقق فيه الديمقراطية الشاملة، والحرية والعدالة والمساواة، يقوم على ضمان حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى احترام الاختلاف وقبول التعدد وعلى حرية الاعتقاد والعقيدة وعلى التعايش والتسامح، وعلى نبذ كل نزعات التطرف والتعصب والانغلاق.
إن العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والتي تميز عالم اليوم – كمرحلة متقدمة من التطور الرأسمالي بتناقضاتها الرئيسية والثانوية- هي حصيلة تراكمات وتحولات همت النظام الرأسمالي منذ المرحلة الصناعية الأولى وما رافق ذلك من بؤس و استغلال للطبقة العاملة، ثم المرحلة الاستعمارية و التي تميزت بلجوء الدول الأوربية إلى استعمار بلدان إفريقيا و أسيا لحل أزماتها الداخلية من خلال نهب خيرات البلدان المستعمرة و استغلال شعوبها. إلى أن تفجرت تناقضات هاته الدول الرأسمالية الاستعمارية خلال حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية، و التي تمخض عنها تشكل نظامين متناقضين (النظام الرأسمالي المتكتل في الحلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و المنظومة الاشتراكية المنضوية في حلف وارسو تحت قيادة الاتحاد السوفياتي.
وقد تزامن هذا الانهيار وساهم في تسريع انتقال الرأسمالية الى طورها الحالي العولمة النيو ليبرالية المتوحشة والمتميز بسيطرة الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي بمساعدة المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على توجيه وتنميط السياسات الاقتصادية الوطنية بما يخدم مصالح الرأسمال المالي المهيمن، ولقد ادت العولمة النيو ليبرالية الى بروز قوى اقتصادية صاعدة ومراكز قوى جديدة خلخلت نظام القطب الواحد وأكدت اتجاه العالم نحو التعددية القطبية ولعل التمظهرات الاقتصادية لجائحة الكوفيد19 ابانت ضعف الاقتصادات الغربية واعتمادها على الصين كما ان الحرب الروسية الاوكرانية والاحتكاك الجاري بالمحيط الهادي تؤكد استماتة الغرب في الدفاع عن نظام القطب الواحد وهوما ينذر باتساع الحرب وتحولها الى حرب كونية.
إن الإيديولوجية النيو ليبرالية تشكل تراجعا عن المضمون الديمقراطي لليبرالية وذلك من خلال التقليل إلى أدنى حد من سلطات و أدوار الدولة و اختزالها في الحرية الاقتصادية و المبادرة الحرة و استبعادها للمساواة الحقيقية بين الأفراد في الحقوق الشاملة و جعلها فقط مساواة في الفرص.
إن عولمة الليبرالية المتوحشة تقتل الديمقراطية، وترسخ ديكتاتورية الرأسمال المالي وقوانين السوق العمياء حيث أصبح دور الدولة يقتصر على ضمان شروط تراكم الربح الرأسمالي على حساب قيم الحرية والمساواة والعدالة واستدامة الموارد الطبيعية.
إن السمة الغالبة على عالم اليوم – بالرغم من تقدم اليسار في بعض البلدان- هي صعود اليمين واليمين المتطرف مما يدفع العالم إلى المزيد من المحافظة والانغلاق والحمائية والصراع والتوتر.
إننا في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نناضل إلى جانب كل الأحزاب الاشتراكية في العالم وإلى جانب كل الحركات الاحتجاجية والحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة المتوحشة وإلى جانب قوى السلم، وقوى المحافظة على البيئة من أجل تلمس الطريق إلى نظام اقتصادي وسياسي و اجتماعي بديل يضمن الحرية والعدالة والمساواة والحقوق الشاملة لكل شعوب العالم.
يتسم هذا الوضع بإخفاق الثورات العربية في الوصول إلى أهدافها المعلنة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وعوض ذلك دخلت دول المنطقة في الحروب المذهبية، و في حالة الدمار و الخراب و التفكك و ما نتج عن ذلك من تجادب بين الاستبداد التقليدي (الأنظمة الوراثية – الأنظمة العسكرية) و بين الاستبداد الأصولي و مازال يهيمن حتى الآن على الساحة العربية:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناء في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادية للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن تجاوز هاته الأوضاع يمر بالضرورة عبر بناء قوى ديمقراطية منظمة قوية فاعلة ومؤثرة ومرتبطة و مؤطرة لمختلف الشرائح الشعبية.
إن ما يميز ويطبع منطقتنا المغاربية، هو توقف أي عمل مشترك وغياب أي تعاون بين بلدان المنطقة المغاربية، بل على العكس من ذلك، تعرف المنطقة خصوصا في المدة الأخيرة المزيد من الاحتقان والتوتر والصراع بين المغرب والجزائر وهدر الموارد المالية في السباق نحو التسلح وبالتالي تفويت فرص التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي على شعوب المنطقة.
وتأسيسا على ذلك فإن علاقتنا مع الاحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية، على المستوى المغاربي والعربي، تقع عليها مهمة إجراء تقييم نقدي شامل للأطر الفكرية والمفاهيمية التي تحكمت في التصورات والممارسات، يشمل القوى السياسية بمختلف توجهاتها ومرجعيتها. ويهم ايضا الانظمة العربية سواء منها الوراثية التابعة للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية او تلك التي كانت تحكمها احزابا ترفع شعارات الاشتراكية والقومية والوحدة العربية ومحاربة إسرائيل، من اجل بناء فضاء مغاربي ديمقراطي ومجال عربي ديمقراطي ايضا على اساس المواطنة
إن هاته الأوضاع الدقيقة والحرجة وما تنذر به من إمكانية الانزلاق نحو التصعيد والانفجار، وما يشكله ذلك من عواقب وخيمة، تطرح علينا في فيدرالية اليسار الديمقراطي مسؤولية التحرك والعمل على نسج علاقات التواصل والحوار والعمل المشترك مع كل اليساريين والديمقراطيين في منطقتنا من أجل:
إن الدولة في المغرب ليست مجرد ممثل للطبقة السائدة وجهاز تدبير شؤونها مثل دورها في الغرب الرأسمالي. إن البنيات الفوقية السياسية – القانونية و الثقافية في الدول ما قبل الرأسمالية ليست مجرد انعكاس لنظام الإنتاج المادي و لا مجرد نتاج له. وهكذا فإن الدولة المخزنية مستندة إلى عوامل دينية وثقافية ورمزية وعلى كل وسائل الترغيب و الترهيب، عملت على إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية في ظل التحولات و التأثيرات البنيوية التي أدخلها الاستعمار على الهيكلة الطبقية للمجتمع المغربي و إخضاع أنماط الإنتاج المحلية لنمط الإنتاج الرأسمالي و قد تجسدت هذه السياسة أساسا في:
وهكذا لم تحقق هذه الثورات أهدافها، وأن كانت التجربة التونسية قد شكلت في البداية استثناءا في مسارها، غيران تحالف القوى المحافظة المعادي للديموقراطية وتحرر الشعوب داخليا وخارجيا قد عمل على اجهاضها.
إن التطورات التي عرفتها التشكلة الاقتصادية والاجتماعية لم يوازيها أي تحول على مستوى البنية السياسية والثقافية ولم تسهم بالتالي في تحديث الدولة والتحول من دولة تقليدية محافظة ومطوقة ومعيقة لحركية المجتمع إلى دولة الحداثة و الديمقراطية و هو ما أدى و يؤدي إلى أزمة مركبة – عنوانها العريض – زواج الاستبداد بالفساد و ما ينتج عن ذلك من انسداد الآفاق و من أوضاع اقتصادية و اجتماعية متدهورة.
أحزاب خلقت بقرار سياسي من مركز قرار الدولة المخزنية لتلعب تباعا أدوارا محددة في العملية السياسية الانتخابية، أحزاب سياسية تابعة للدولة وتتلقى التوجيهات والتعليمات من مركز الدولة وتستقطب داخلها أفراد البورجوازية الريعية بكل فئاتها وأيضا التقنوقراط والمنتفعين والانتهازيين ….” مجتمع الأعيان ” الذي يمثل القاعدة العريضة لأي حزب إداري، والمشكل من منتخبين يتم جلبهم إلى الأحزاب الإدارية القديمة والجديدة.
إن قرار مركز الدولة المخزنية هو الذي يقرر دور وحجم وموقع كل حزب من الأحزاب الإدارية – من يدخل الحكومة ومن يتموقع في المعارضة.
إن هاته الأحزاب خلقت للدفاع عن استمرار الوضع السائد ومواجهة القوى الديمقراطية واليسارية المطالبة بالتغيير الديمقراطي – والحفاظ بالتالي على جوهر السلطة المخزنية وقوانينها.
هذه القوى تعتبر توجها مناهضا للديمقراطية و لحقوق الإنسان، وعلى مستوى خطابها تروج للدولة الدينية عوض الدولة المدنية الديمقراطية، وترفض المساواة بين الجنسين و تركز على الاختلاف بين الديانات ضاربة في قيم التسامح…، بل ما فتئت هذه القوى المحافظة الأصولية تعرض نفسها كبديل عن الأحزاب الإدارية و بأنها المؤهل وحده لإنجاز الإصلاحات المطلوبة و الحد من فعالية أحزاب اليسار و المركزيات النقابية لصالح الشركات المغربية و الأجنبية لمضاعفة استثماراتها و أرباحها بأمان و اطمئنان.
إن هاته الأحزاب تتوفر على قاعدة اجتماعية من الفئات الوسطى والعليا للطبقة المتوسطة، وحتى بعض الفئات من البورجوازية الريعية.
إن هاته الأحزاب وعبر صيرورة تاريخية، خاصة بعد مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي على قاعدة دستور 96 والذي لم يختلف في جوهره عن سابقيه وعلى أرضية انتخابات برلمانية مزورة وما تلى ذلك من محطات (2002- 2007 -2011 …. إلخ) وما رافق ذلك من إغراء واحتواء وادماج نخب هاته الأحزاب مما جعل هاته الأحزاب تفتقد الكثير من قوتها وتأثيرها ومن مصداقيتها واستقلالية قرارها السياسي عن الدولة مما يجعلها غير مؤهلة للعب دور في عملية التغيير الديمقراطي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية.
تتشكل أساسا من مكونات فيدرالية اليسار التي اندمجت. وتعمل هاته القوى على الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى وعموم الكادحين إضافة إلى كل الفئات الاجتماعية التي تتناقض مصالحها مع الدولة المخزنية.
وتعمل قوى اليسار الديمقراطي للتواصل والحوار والعمل المشترك مع الحركة العمالية والحركة النسائية والحقوقية والحركة الأمازيغية الديمقراطية والمجتمع المدني المتشبع بالقيم الديمقراطية والحداثة، ومع المثقفون والأكاديميون التقدميون. إلا أن اليسار الديمقراطي يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية أهمها:
إن مستقبل اليسار الديمقراطي رهين بتجاوزه لأعطابه البنيوية والقيام بمراجعات نقدية حقيقية وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.
1- بعد فترة قصيرة دامت منذ الاستقلال حتى من بداية الستينات و التي عرفت نوعا معين من اقتسام السلطة بين القصر مدعوما ببقايا الإقطاع و البورجوازية الكوميرادورية و أبنائها الذين استكملوا دراستهم في فرنسا و بين حزب الاستقلال المدعوم من طرف المقاومة و جيش التحرير و عموم الطبقات الشعبية، تمكن القصر من الانفراد بالسلطة و تدشين المرحلة الثانية.
2 – مرحلة الجمر والرصاص والصراع التناحري والتي أخذت كل اشكال الصراع التي امتدت حتى نهاية السبعينات. وعرفت هاته المرحلة موجات من الاعتقالات والاغتيالات والاختطافات والاستشهادات كان ضحيتها أحزاب اليسار بمختلف مدارسه (يسار الحركة الديمقراطية – الحزب الشيوعي – اليسار الجديد). وخلال هاته المرحلة تم تأسيس ركائز وأسس الدولة المخزنية وتوسيع قاعدتها من خلال المغربة وتوزيع المصالح والامتيازات وخلق قطاع من بيروقراطي الوظيفة العمومية والشبه العمومية. وهكذا تشكلت بنية الدولة المخزنية على أساس الارتباط البنيوي والعضوي للاستبداد بالفساد، فالاستبداد ينتج ويحمي المفسدين، والمفسدون يدعمون الدولة في صراعها مع القوى اليسارية والديمقراطية. وقد شكل هؤلاء المفسدون القيادات الوطنية والمحلية للأحزاب الإدارية.. وقد عرفت هاته المرحلة أزمات سياسية متتالية: انتفاضة 65 وإعلان حالة الاستثناء، أيضا تفجر التناقضات الداخلية للنظام المخزني والتي تمثلت في المحاولتين الانقلابيتين 71-72.
3 – المرحلة الثالثة (أواسط السبعينات – أواسط التسعينات): إن عزلة النظام بعد المحاولتين الانقلابتين ومستجدات قضية الصحراء، دفع النظام إلى انفتاح سياسي محدود مؤطر بشعارات الجبهة الوطنية و ” المسلسل الديمقراطي” ضمن عملية سياسية وانتخابية متحكم فيها وتعددية حزبية شكلية على أرضية انتخابات مزورة لصالح أحزاب الدولة. الأحرار: انتخابات 77- الاتحاد الدستوري: 83 – الحركة الاجتماعية… إلخ)
تميزت هاته المرحلة بعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطرحه لاستراتيجية النضال الديمقراطي وأيضا يعقد حزب التقدم و الاشتراكية لمؤتمره 74 و كذا تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (1983) و أيضا تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (1978)
وقد عرفت هاته المرحلة تصاعد النضالات الجماهيرية العمالية والطلابية والبروز التدريجي للمجتمع المدني بكل حقوله (الحقوقية – الشبابية – النسائية – المعطلون ….. إلخ)
وكذلك شهدت هاته المرحلة انتفاضات شعبية ضد السياسات اللاشعبية و التقشفية المملات من طرف صندوق النقد الدولي (81-84-91) و ما رافق كل هاته النضالات و الانتفاضات الشعبية موجات من المتابعات و الاعتقالات.
ومع بداية التسعينات في ظل تصاعد النضالات الجماهيرية والمدنية والشعبية و في ظل التغييرات الديمقراطية التي طالت عدة بلدان في العالم تم تشكيل الكتلة الديمقراطية و طرحها مطالب الإصلاحات الدستورية و السياسية.
وقد سعى النظام كعادته للالتفاف على هاته التراكمات النضالية وعلى مطالب الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال المحاولة الأولى لاحتواء المعارضة الديمقراطية ضمن مقترح حكومة أقلية التي كان مآلها الفشل إلا أنه سينجح في عملية احتواء جزء مهم في المعارضة، حينما استقطبها للتصويت بنعم على دستور 96، و الذي لم يكن يختلف عن سابقيه و كذا لتشكيل ما يسمي حكومة ” التناوب التوافقي ” على قاعدة انتخابات مزورة
4 – المرحلة الرابعة: أواسط التسعينات حتى حركة 20 فبراير.
خلال هاته المرحلة، نجح النظام في استقطاب و احتواء و إضعاف القوى الديمقراطية و التحكم بشكل مطلق في العملية السياسية من خلال تنصيب وزير أول تقنوقراطي ل2002، و أيضا القيام بمجموعة من المبادرات (الإنصاف و المصالحة – مدونة المرأة – التقرير الخمسيني …إلخ) و التي كانت تندرج ضمن خطة تلميعية بدأت تتوضح أهدافها بعد الانتخابات التشريعية 2007 حيث تسارعت الخطوات الواحدة تلو الأخرى لتشكيل حزب إداري أكدت كل المؤشرات بأنه كان يراد له الهيمنة المطلقة على العملية السياسية و الانتخابية.
إن انتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة الغير المشروطة في كل الحكومات (1998 – 2002 – 2007 )، أثر يشكل بين على مصداقية هاته الأحزاب و ادخل النضال الديمقراطي في أزمة عميقة رمت بضلالها على كل حقول النضال السياسي و الجماهيري و العمل المدني.
5 – المرحلة الخامسة: مرحلة 20 فبراير
في سياق الانتفاضات العربية المطالبة بإسقاط الاستبداد والفساد وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية قائمة على السيادة الشعبية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية دعت مجموعة من الشباب المغربي إلى مسيرة 20 فبراير تحت شعار الملكية البرلمانية المتضمن في الوثيقة التأسيسية والذي تم تغييره بشعار ” دستور شعبي ديمقراطي” في البيان الصحفي 17 فبراير. وقد فرضت الحركة على النظام إعادة النظر في الخطط التي سبق أن أعدها وفي نفس الوقت عمل النظام على إفشال الحركة سواء من خلال المحاصرة و التشويش أو المهادنة أو استعمال العنف المباشر أو بالوكالة (البلطجة) أو من خلال أسلوب الالتفاف على المطالب.
وبعد شهور من المسيرات لم تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها وذلك نظرا لتفاعل وتداخل مجموعة من العوامل أهمها:
فالبرغم من أن 20 فبراير لم تحقق الأهداف المرجوة: إلا أن روح وثقافة وجرأة 20 فبراير ستطبع و بشكل واضح المرحلة القادمة أي مرحلة ما بعد 20 فبراير.
6 – المرحلة السادسة : مرحلة ما بعد 20 فبراير إلى الآن.
تأسست العملية السياسية لما بعد 20 فبراير على أرضية الصفقة التي عقدها حزب العدالة والتنمية والنظام المخزني ضمن لعبة المصالح المتبادلة والرهانات المختلفة لكل طرف.
و بالرغم من كل خطابات التودد لبنكيران و بالرغم من اجتهاد الحكومة في تطبيق السياسات الرسمية اللاشعبية، أكدت كل الأحداث و الوقائع سواء تلك المرتبطة بكل أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لحزبها الإداري أو من خلال ما يسمى البلوكاج أو من خلال إعفاء بنكيران و تعيين العثماني رئيسا للحكومة بديلا عنه و قبول حزب العدالة و التنمية ، هذا التعيين و تشكيل الحكومة بالأحزاب و التشكلة المفروضة، إن الدولة تمكنت بالرغم من احتلال حزب العدالة و التنمية الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من احتواء الوضع و تقوية تحكمها في العملية السياسية. ومن خلق تجادبات حادة داخل حزب العدالة والتنمية من التأثير السلبي على صورة الحزب وأضعاف مصداقيته.
وبالموازاة مع هاته ” العملية السياسية الرسمية” و في ظل اتساع الهوة بين المشهد المؤسسي و حركية المجتمع، عرفت عدة مناطق مهمشة في شمال المغرب و شرقه و جنوبه احتجاجات شعبية منددة بالتهميش و الإقصاء و مطالبة بالتنمية وبأبسط الحقوق الاجتماعية من تعليم و صحة و شغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و على رأس هاته الاحتجاجات حراك الريف، حراك جرادة حيث لجأ النظام إلى مقاربته الأمنية، و لأسلوبه القمعي المرتبط ببنيته و طبيعته الأصلية و القيام بموجات من الاعتقالات المتتالية الواسعة، و إصدار أحكام جائرة و قاسية في حقهم.
ومما يؤكد عمق الهوة بين الحركية المجتمعية والعملية السياسية الفاقدة للمصداقية هو تنوع و تعدد التعبيرات الاحتجاجية:
و في ظل هاته الأوضاع المتسمة بالانحباس و الأزمة و التوترات الاجتماعية و انسداد الأفق اضطر النظام للاعتراف بفشل “النموذج التنموي” و تعيين لجنة لإعداد نموذج تنموي جديد.
إن تشكلة هاته اللجنة ورئاستها ومنهجية عملها تؤشر على تواضع نتائجها على اعتبار أن الدولة مستمرة في تجاهل الأسباب العميقة و البنيوية المسؤولة عن فشل هذا النموذج التنموي (إن وجد أصلا نموذجا تنمويا) والمتمثلة في غياب الديمقراطية مما يعنيه ذلك من الاستحواذ على السلطة والثروة، و سن سياسات لاشعبية أدت و تؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية و إلى إنتاج مساحات واسعة من الإقصاء و التهميش.
1 – المهمة التاريخية المطروحة للإنجاز أو الشعار المؤطر للمرحلة التاريخية التي نعيشها هو :
الانتقال الديمقراطي: مغربيا هو المرور من نظام الملكية شبه المطلقة أو النظام السلطوي إلى نظام الملكية البرلمانية.
وبتعبير آخر الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية بمحتواها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
هذا الانتقال يتطلب شحذ وتجمع وتحالف كل القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها و مرجعياتها في معركة النضال الديمقراطي و صولا إلى تشكيل و بناء جبهة الانتقال أو جبهة وطنية عريضة أو جبهة ديمقراطية عريضة قادرة على التعبئة الشعبية و على تغيير موازين القوى لصالح المشروع الديمقراطي.
إذن إن التناقض الرئيسي على المستوى السياسي يوجد بالضبط بين حاملي مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية و بين المدافعين عن المشروع المحافظ بشقيه المخزني الهادف إلى ضمان السلطوية و الأصولي الهادف لضمان التمكين و كلا المشروعين يهدف إلى إدامة الاستبداد السياسي و الاستغلال الطبقي و الظلم الاجتماعي. إن الانتقال الديمقراطي هو ضرورة مجتمعية من أجل توفير مقومات الاستقرار والتقدم والتنمية والنهضة الحضارية و بدونه و انطلاقا مما يجري في المنطقة العربية و المغاربية، فلا يمكن التكهن بالكوارث التي ستحل ببلادنا
إن الانتقال من الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية يتطلب اعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي السلمي بما يعنيه ذلك من ارتباط وتظافر وتعاضد كل أشكال النضال المؤسساتي النزيه والجماهيري بكل حقوله والمدني بكل مجالاته والنضال الاحتجاجي الشعبي والذي أخذ أبعادا جديدة و اهمية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وبالنظر للمنحى التراجعي الذي عرفه اليسار المغربي منذ 98-96 بانتقال جزء مهم من القوى الديمقراطية من موقع المعرضة إلى موقف المشاركة الحكومية، وما رافق ذلك من تأثيرات سلبية على كافة حقول ومجالات النضال و من تأثير على صورة و رمزية اليسار بكل مكوناته و ما أدى إليه كل ذلك من ازمة للنضال الديمقراطي و لليسار المغربي و للحركة الديمقراطية مازلنا في فيدرالية اليسار نبذل المجهودات من أجل تجاوزها.
إن بناء القوة اليسارية المؤثرة في مجريات الصراع وفي النضال الديمقراطي ببلادنا يمر بالضرورة عبر إعادة بناء اليسار على أسس نقدية وإحداث القطيعة مع الأخطاء القاتلة لأحزاب اليسار التقليدي وأخذ العبر والدروس الضرورية.
وبالتالي من المجدي والمفيد فهم ماهي هاته الأخطاء على كل المستويات الفكرية والسياسية – التنظيمية …. إلخ وبلورة الرؤى والأسس النقدية البديلة؟
2 – التنسيق
التنسيق يكون مع الأحزاب والهيئات التي تكون في منطلقها ديمقراطية – سلمية ونزيهة الوسائل ومستقلة عن جهاز الدولة.
فرغم أن ” الأحزاب التاريخية ” قصدت جزء من مصداقيتها واستقلالها ونزاهة وسائلها، يمكن التنسيق مع منضاليها وقطاعاتها وفروعها وبعض مستشاريها و مع الحركة الأمازيغية الديمقراطية.
كما يمكن التنسيق مع النهج الديمقراطي ومع الحركات والنقابات والهيئات المدنية في إطار التنسيقيات الائتلافات من اجل القيام بمبادرات ذات طابع حقوقي أو فكري أو اجتماعي (الخدمة العمومية – المدرسة العمومية – ارتفاع الأسعار – حقوق المرأة – التضامن مع المواطنين – مناهضة القمع … إلخ)
3- الجبهة الاجتماعية:
المغرب دخل أزمة اجتماعية حقيقية مهددة للاستقرار (الفقر – البطالة – الأعطاب البنيوية للخدمات الاجتماعية: التعليم – الصحة – ضعف الحياة الاجتماعية – ضعف الأجور) مما يستوجب المواجهة الجماعية لهاته الأزمة خصوصا أن القادم أسوأ من إطار جبهة اجتماعية تشكل من كل القوى التقدمية والديمقراطية السياسية والشبابية النقابية والحقوقية والمدنية للقيام بكل المبادرات وخوض مختلف الأشكال النضالية لوضع حد للتزييف الاجتماعي وحماية الكادحين وعموم المواطنين من القهر والتسلط الاجتماعي.
4- الارتباط العضوي بالطبقة العاملة المغربية
رغم المتغيرات النوعية الحاصلة في عالم الشغل ورغم استمرار الدولة في تفكيك وإضعاف التنظيمات النقابية المناضلة فإن الطبقة العاملة مازال لها دور هام ومركزي في إطار استراتيجية النضال الديمقراطي من موقعها الاجتماعي وببعدها السياسي العميق خاصة أن الوضع العالمي والوطني أفرز التهميش الاجتماعي والإجهاز على المكتسبات العمالية واعتمد المرونة كوسيلة للتخلص من العمل في الأزمات.
5 – التحالف مع جزء من المجتمع المدني ذا مضمون سياسي ديمقراطي:
أو ما يسمى بالجمعيات السياسية والتي ظهرت في سياق تراجع وظائف وأدوار الأحزاب أو في سياق الهجرة القسرية لعدد من الأطر السياسية من بعض التنظيمات اليسارية نظرا للأوضاع المتردية التي تعيشها هاته الأحزاب.
6 – ربط الجسور مع الجامعة والمثقفين:
والانفتاح عليها بهدف المواكبة العلمية والمعرفية في كافة المجالات والحقول ما يوفر الشرط المعرفي وتطوير الرؤية الحزبية الموجهة للنضالات السياسية والاجتماعية والثقافية على أسس علمية ومعرفية.
كما أن الهدف من هذا الانفتاح والتواصل مع المثقفين هو المساهمة في أن يستعيد المثقفون دورهم وإشعاعهم وحركيتهم المنظمة المؤثرة والداعمة للمشروع الديمقراطي.
إن هذا المفهوم بمضمونه الدستوري والسياسي، يكثف الانتقال من الدولة المخزنية العتيقة إلى الدولة الوطنية الديمقراطية الحداثية بما يعنيه من تجسيد للسيادة الشعبية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وانبثاق السلطة التشريعية والتنفيذية من الإرادة الشعبية الحرة وكذا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وإعمال مبدأ الربط بين ممارسة المسؤولية وبين المراقبة والمحاسبة والمسائلة ويمكن تلخيص توزيع الصلاحيات كما يلي:
1 – السلطة التشريعية:
2 – السلطة التنفيذية:
حذف مجلس الوزراء، وجعل الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية مسؤولة على وضع السياسة العامة للبلاد بما في ذلك السياسة الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية والدفاعية وتسهر على تنفيذها تحت مسؤولية رئيسها والإدارة موضوعة تحت تصرفها.
3 – السلطة القضائية:
جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ضمان استقلال المجلس الأعلى للقضاء والذي عليه أن يشكل من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط الأقدمية والكفاءة والفعالية ومن مندوبين عن المحامين واساتذة الجامعات – وأن يتم توسيع اختصاصاته و جعله مستقلا إداريا و ماليا عن وزارة العدل. وإعطاء الحق للقضاة في التعبير عن رأيهم والمساهمة في مختلف الأنشطة بدون قيد وفي تأسيس الجمعيات للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية.
4 – الملك:
الجهوية المتقدمة:
إن الجهوية المتقدمة هي في الأصل توسيع وتطوير لنطاق الممارسة الديمقراطية، إلا أننا و في السياق التاريخي المغربي، حيث أننا لم ننجز بعد انتقالنا الديمقراطي، و حيث أن البلد مازال يعاني من إعاقات بنيوية سياسية و اقتصادية و من اختلالات اجتماعية صارخة، فإن الجهوية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلا إذا كانت مسبوقة أو مرافقة بإصلاحات عميقة أهمها:
إصلاحات دستورية وسياسية تجسد السيادة الشعبية وتضمن فصل السلط واستقلال القضاء، وتجعل الحكومة مسؤولة عن تدبير الشأن العام بكل مجالاته و البرلمان يلعب دوره الكامل في التشريع والمراقبة.
توفير شروط عملية سياسية سليمة قائمة على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة بمشاركة أحزاب مستقلة عن الدولة ومتساوية في الإمكانيات المخولة لها.
نموذج تنموي جديد، يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وضمان الحقوق الشاملة للإنسان المغربي أولوياته وأهدافه الكبرى.
أهم مقترحات الفيدرالية:
واستكمال الوحدة الترابية (سبتة ومليلية – الجزر الجعفرية) من خلال مقاربة شمولية تسعى إلى إيجاد حل سياسي نهائي يمكن سكان الصحراء من التدبير الواسع لشؤونهم في ظل السيادة الوطنية ويساهم في بناء منطقة مغاربية متكتلة ومندمجة ومتعاونة ويجنب ابتزاز الدول الكبرى التي من مصلحتها أن يبقى هذا الملف مفتوحا لتوظيفه واستعماله سواء في الصراع العربي الإسرائيلي أو خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية.
إن ربح رهان هذا الملف المصيري والحيوي يتطلب:
بناء ديمقراطية حقيقية تمكن من تقوية الجبهة الداخلية وتجعل للحكم الذاتي جاذبيته لدى سكان المنطقة وفرض احترام المغرب على الصعيد الوطني.
الاعتماد على الذات الوطنية، عبر إشراك الشعب وقواه الحية في تدبير قضيته المصيرية وتزويده بكل المعطيات والمعلومات الضرورية وعدم المراهنة فقط على الدول الكبرى والتي تحكمها في التعامل مع هاته القضية مصالحها السوسيوستراتيجية.
1 – إن اللغة الأمازيغية هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، و يعني ذلك أن الأمازيغية مسؤولية الكل و لا تناقض بين المكون الأمازيغي و المكون العربي.
2 – الأمازيغية يجب أن تتبوأ المكانة التي تليق بها كمسألة مجتمعية بأبعادها الثقافية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يجب إخراجها من الصراع الهوياتي و المتزايدة السياسية.
3 – إن اللغة الأمازيغية أساسية لإنجاز الانتقال الديمقراطي نحو الديمقراطية في بلادنا حيث أنها ترتبط بالمشروع الديمقراطي العام. لا تنفصل عنه بل لا يمكن تدبيرها بشكل ناجح إلا من منطلق المبادئ الكونية للديمقراطية المتمثلة في المساواة والحرية والعدل و احترام الاختلاف و التعددية و التدبير الديمقراطي للتعدد يجعل منه حاضنا للوحدة و خادما لها.
4 – إن أحداث معهد الثقافة الأمازيغية، ودسترة اللغة الأمازيغية وإحداث قنوات إذاعية و تلفزية كلها خطوات إيجابية لكنها غير كافية ما دام الإقصاء و التهميش يطال المناطق الناطقة بالأمازيغية.
5 – إننا في فيدرالية اليسار الديمقراطي نعتبر أن تقوية الوحدة واللحمة الوطنية لا تحتمل التراجع عن المكتسبات التي تحققت خلال العقد والنصف الأخير في مجال الأمازيغية، بل إن ذلك يقتضي مضاعفة الجهود لإعطاء الأمازيغية المكانة التي تليق بها في كل أبعادها الثقافية و اللغوية و الاجتماعية على اعتبار أنها مكون أساسي من الهوية الوطنية.
Sign in to your account